عبد العزيز (١).
* * *
وافتتح إقليم الأندلس ، وهي جزيرة عظيمة متّصلة ببرّ القسطنطينية من جهة الشمال ، والبحر الكبير من غربيّها وقد خرج منه بحر الروم من جنوبيّها ، ثمّ دار إلى شرقيّها ، ثمّ استدار إلى شماليّها قليلا. وهي جزيرة مثلّثة الشكل ، افتتح المسلمون أكثرها في رمضان منها على يد طارق أمير طنجة ، من قبل مولاه أمير المغرب موسى بن نصير (٢).
وطنجة هي أقصى المغرب ، فركب طارق البحر وعدّى من الزّقاق لكون الفرنج اقتتلوا فيما بينهم واشتغلوا ، فانتهز الفرصة.
وقيل : بل عبر بمكاتبة صاحب الجزيرة الخضراء ليستعين به على عدوّه ، فدخل طارق واستظهر على العدوّ ، وأمعن في بلاد الأندلس ، وافتتح قرطبة ، وقتل ملكها لذريق (٣) ، وكتب إلى موسى بن نصير بالفتح ، فحسده موسى على الانفراد بهذا الفتح العظيم ، وكتب إلى الوليد يبشّره بالفتح وينسبه إلى نفسه ، وكتب إلى طارق يتوعّده لكونه دخل بغير أمره ، ويأمره أن لا يتجاوز مكانه حتّى يلحقه ، وسار مسرعا بجيوشه ، ودخل الأندلس ومعه حبيب بن أبي عبيدة الفهريّ ، فتلقّاه طارق وقال : إنّما أنا مولاك ، وهذا الفتح لك (٤).
وأقام موسى بن نصير غازيا وجامعا للأموال نحو سنتين ، وقبض على طارق ، ثم استخلف على الأندلس ولده عبد العزيز (٥) بن موسى ، ورجع
__________________
(١) تاريخ الطبري ٦ / ٤٦٨ ، مروج الذهب ٤ / ٣٩٩ ، الكامل في التاريخ ٤ / ٥٦٩.
(٢) تاريخ خليفة ٣٠٤ ، تاريخ الطبري ٦ / ٤٦٨ ، الكامل في التاريخ ٤ / ٥٥٦ ، البيان المغرب ١ / ٤٣.
(٣) في الكامل لابن الأثير «رذريق» ، وفي موضع آخر «اذرينوق» (٤ / ٥٥٦) وفي تاريخ الطبري ٦ / ٤٦٨ «الأدرينوق» ، وفي البيان المغرب ٢ / ٩ مثل الكامل لابن الأثير.
(٤) انظر : الكامل في التاريخ ٤ / ٥٦٤ و ٥٦٦ ، والبيان المغرب ٢ / ١٣.
(٥) في تاريخ الطبري ٦ / ٤٨١ «عبد الله بن موسى» ، والمثبت يتفق مع الكامل لابن الأثير ٤ / ٥٦٦ ، والبيان المغرب ٢ / ٢٣ و ٢٤.