وفي هذه السنة ولّي عمر (١) المدينة وله خمس وعشرون سنة ، وصرف عنها هشام بن إسماعيل ، وأهين ووقف للناس ، فبقي عمر عليها إلى أن عزله الوليد بن أبي بكر بن حزم (٢).
* * *
وفيها قدم نيزك طرخان على قتيبة بن مسلم ، فصالحه وأطلق من في يده من أسارى المسلمين (٣).
وفيها غزا قتيبة نواحي بخارى ، فكانت هناك وقعة عظيمة وملحمة هائلة ، هزم الله فيها المشركين ، واعتصم ناس منهم بالمدينة ، ثمّ صالحهم ، واستعمل عليها رجلا من أقاربه ، فقتلوا عامّة أصحابه وغدروا ، فرجع قتيبة لحربهم وقاتلهم ، ثم افتتحها عنوة ، فقتل وسبى وغنم أموالا عظيمة (٤).
__________________
= جمعهم في أيامه وبذل لهم مالا عظيما على أن يعطوه إيّاها فأبوا ، فقال : لئن لم تفعلوا لأهدمنّها. فقال بعضهم : يا أمير المؤمنين إنّ من هدم كنيسة جنّ وأصابته عاهة. فأحفظه قوله ، ودعا بمعول وجعل يهدم بعض حيطانها بيده ، وعليه قباء خزّ أصفر. ثم جمع الفعلة والنّقّاضين فهدموها ، وأدخلها في المسجد».
ثم ذكر البلاذري : «وبمسجد دمشق في الرواق القبليّ مما يلي المئذنة كتاب في رخامة بقرب السقف : «مما أمر ببنيانه أمير المؤمنين الوليد سنة ستّ وثمانين».
وقال الفسوي في «المعرفة والتاريخ» ٣ / ٣٣٤ ، ٣٣٥ : «قال أبو يوسف يعقوب بن سفيان : قرأت في صفائح في قبلة مسجد دمشق صفائح ذهبية بلازورد : (بسم الله الرحمن الرحيم. اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ..) الآية ... أمر ببنيان هذا المسجد وهدم الكنيسة التي كانت فيه عبد الله بن الوليد أمير المؤمنين في ذي القعدة من سنة ستّ وثمانين ... قال أبو يوسف : وقدمت بعد ذلك فرأيت هذا قد محي ، وكان هذا قبل المأمون».
وفي مروج الذهب للمسعوديّ ٣ / ١٦٧ : «أمر الوليد أن يكتب بالذهب على اللازورد في حائط المسجد : ربنا الله ، لا نعبد إلا الله ، أمر ببناء هذا المسجد ، وهدم الكنيسة التي كانت فيه عبد الله بن الوليد أمير المؤمنين في ذي الحجّة سنة سبع وثمانين ، وهذا الكلام مكتوب بالذهب في مسجد دمشق إلى وقتنا هذا ، وهو سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة.
(١) أي عمر بن عبد العزيز
(٢) تاريخ الطبري ٦ / ٤٢٧ ، الكامل في التاريخ ٤ / ٥٢٦.
(٣) تاريخ الطبري ٦ / ٤٢٨ ، الكامل في التاريخ ٤ / ٥٢٨ ، نهاية الأرب ٢١ / ٢٨٤ ، المنتخب من تاريخ المنبجي ٨٠ ، ٨١.
(٤) تاريخ الطبري ٦ / ٤٣٠ ، ٤٣١ ، الكامل في التاريخ ٤ / ٥٢٨ ، ٥٢٩ ، نهاية الأرب ٢١ / ٢٨٤ ، ٢٨٥.