من المسلمين ، فقتلوهم ، فلمّا فرغ من صلح طبرستان سار إليهم ، فتحصّنوا ، فقاتلهم يزيد أشهرا ، ثم أعطوا بأيديهم ، ونزلوا على حكمه ، فقاتل المقاتلة ، وصلب منهم فرسخين ، وقاد منهم اثني عشر ألف نفس إلى وادي جرجان فقتلهم ، وأجرى الماء في الوادي على الدّم ، وعليه أرحاء تطحن بدمائهم ، فطحن واختبز وأكل ، وكان قد حلف على ذلك (١).
قال خليفة (٢) : وفيها شتّى مسلمة بضواحي الروم ، وشتّى عمر بن هبيرة في البحر ، فسار مسلمة من مشتاه حتى صار إلى القسطنطينية في البرّ والبحر ، إلى أن جاوز الخليج ، وافتتح مدينة الصّقالبة ، وأغارت خيل برجان على مسلمة ، فهزمهم الله ، وخرّب مسلمة ما بين الخليج وقسطنطينية.
وقال الوليد بن مسلم : حدّثني شيخ أنّ سليمان بن عبد الملك سنة ثمان وتسعين نزل بدابق (٣) ، وكان مسلمة على حصار القسطنطينية.
وقال زيد بن الحباب : ثنا الوليد بن المغيرة ، عن عبيد الله بن بشر الغنويّ ، عن أبيه : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لتفتحنّ القسطنطينية ولنعم الأمير أميرها» فدعاني مسلمة ، فحدّثته بهذا الحديث ، فغزاهم.
قال ابن المدينيّ : راويه مجهول.
وقال سعيد بن عبد العزيز : أخبرني من أدرك ذلك أنّ سليمان بن عبد الملك همّ بالإقامة ببيت المقدس ، وجمع الناس والأموال بها ، وقدم عليه موسى بن نصير من المغرب ، ومسلمة بن عبد الملك ، فبينما هو على ذلك إذ جاءه الخبر أنّ الروم خرجت على ساحل حمص فسبت جماعة فيهم امرأة لها ذكر ، فغضب وقال : ما هو إلّا هذا ، نغزوهم ويغزونا ، والله لأغزونّهم غزوة أفتح فيها القسطنطينية أو أموت دون ذلك. ثم التفت إلى مسلمة وموسى بن
__________________
(١) تاريخ خليفة ٣١٥ ، وانظر التفاصيل عند الطبري ٦ / ٥٤١ وما بعدها ، وكتاب الفتوح لابن أعثم ٧ / ٢٩٦.
(٢) في تاريخه ٣١٥ ، ٣١٦.
(٣) مرج بنواحي حلب ، تجتمع فيه جيوش المسلمين حين تريد غزو بلاد الروم ، وبه قرية ، فيها مات سليمان بن عبد الملك.