بعبد العزيز بن موسى بن نصير متولّي الأندلس فقتلوه (١) وأمّروا على الأندلس أيوب ابن أخت موسى بن نصير (٢).
ثم الأمور ما زالت مختلفة بالأندلس زمانا لا يجمعهم وال ، إلى أن ولي السّمح بن مالك الخولانيّ في حدود المائة ، واجتمع الناس عليه (٣).
* * *
وأما مسلمة فسار بالجيوش ، وأخذ معه إليون الرومي المرعشيّ ليدلّه على الطريق والعوار ، وأخذ عهوده ومواثيقه على المناصحة والوفاء ، إلى أن عبروا الخليج وحاصروا القسطنطينية ، إلى أن برّح بهم الحصار ، وعرض أهلها الفدية على مسلمة ، فأبى أن يفتحها إلّا عنوة ، قالوا : فابعث إلينا إليون فإنّه رجل منّا ويفهم كلامنا مشافهة ، فبعثه إليهم ، فسألوه عن وجه الحيلة ، فقال : إن ملّكتموني عليكم لم أفتحها لمسلمة ، فملّكوه ، فخرج وقال لمسلمة : قد أجابوني أنّهم يفتحونها ، غير أنّهم لا يفتحونها ما لم تنحّ عنهم ، قال : أخشى غدرك ، فحلف له أن يدفع إليه كلّ ما فيها من ذهب وفضّة وديباج وسبي ، وانتقل عنها مسلمة ، فدخل إليون فلبس التّاج ، وقعد على السرير ، وأمر بنقل الطعام والعلوفات من خارج ، فملئوا الأهراء (٤) وشحنوا المطامير ، وبلغ الخبر مسلمة ، فكرّ راجعا ، فأدرك شيئا من الطعام ، فغلّقوا الأبواب دونه ، وبعث إلى إليون يناشده وفاء العهد ، فأرسل إليه إليون يقول : ملك الروم لا يبايع بالوفاء ، ونزل مسلمة بفنائهم ثلاثين شهرا ، حتّى أكل الناس في العسكر الميتة ، وقتل خلق ، ثم ترحّل (٥).
__________________
(١) البيان المغرب ٢ / ٢٤.
(٢) البيان المغرب ٢ / ٢٥.
(٣) البيان المغرب ٢ / ٢٦.
(٤) قال الفيروزآبادي في القاموس المحيط : الهري بالضم. بيت كبير يجمع فيه طعام السلطان ، جمعه أهراء.
(٥) انظر تاريخ الطبري ٦ / ٥٣٠ ، ٥٣١ ، الكامل في التاريخ ٥ / ٢٧ ، ٢٨.