رسول الله صلىاللهعليهوسلم حدّثنا أنّ في ثقيف كذّابا ومبيرا ، فأمّا الكذّاب فقد رأيناه ، وأمّا المبير فلا إخالك إلّا إيّاه.
وقال أبو عمر (١) الحوضيّ : ثنا الحكم بن ذكوان ، عن شهر بن حوشب : أنّ الحجّاج كان يخطب وابن عمر في المسجد ، فخطب النّاس حتّى أمسى ، فناداه ابن عمر : أيّها الرجل الصّلاة ، فأقعد ، ثم ناداه الثانية ، فأقعد ، ثمّ ناداه الثالثة ، فأقعد ، فقال لهم : أرأيتم إن نهضت أتنهضون؟ قالوا : نعم. فنهض فقال : الصّلاة فلا أرى لك فيها حاجة ، فنزل الحجّاج فصلّى ، ثم دعا به فقال : ما حملك على ما صنعت؟ قال : إنّما نجيء للصلاة فإذا حضرت الصلاة فصلّ لوقتها ، ثم نقنق بعد ذلك ما شئت من نقنقة (٢).
وقال أبو صالح كاتب اللّيث : حدّثني حرملة بن عمران ، عن كعب بن علقمة قال : قدم مروان مصر ومعه الحجّاج بن يوسف وأبوه ، فبينا هو في المسجد مرّ بهم سليم بن عتر ، وكان قاصّ الجند ، وكان خيارا ، فقال الحجّاج : لو أجد هذا خلف حائط المسجد ولي عليه سلطان لضربت عنقه ، إنّ هذا وأصحابه يثبّطون عن طاعة الولاة ، فشتمه والده ولعنه وقال : ألم تسمع القوم يذكرون عنه خيرا ، ثم تقول هذا؟ أما والله إنّ رأيي فيك أنّك لا تموت إلّا جبّارا شقيّا.
وكان أبو الحجّاج فاضلا.
وعن يزيد بن أبي مسلم الثقفيّ قال : كان الحجّاج على مكّة ، فكتب
__________________
= يتوذّف. حتى دخل عليها. فقال : كيف رأيتني صنعت بعدوّ الله؟ قالت : رأيتك أفسدت عليه دنياه ، وأفسد عليك آخرتك : بلغني أنّك تقول له : يا ابن ذات النطاقين! أنا ، والله ، ذات النطاقين ، أمّا أحدهما فكنت أرفع به طعام رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وطعام أبي بكر من الدّوابّ. وأما الآخر فنطاق المرأة التي لا تستغني عنه. أما إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم حدّثنا «أنّ في ثقيف كذّابا ومبيرا» فأمّا الكذّاب ، فرأيناه. وأما المبير فلا إخالك إلّا إيّاه. فقام عنها ولم يراجعها.
وانظر الجامع الصحيح للترمذي ، كتاب الفتن (٢٣١٧) باب ما جاء في ثقيف كذاب ومبير ، ومسند أحمد ٢ / ٢٦.
(١) في الأصل «أبو عمرو» والتصحيح من (اللباب ١ / ٣٢٩).
(٢) تهذيب تاريخ دمشق ٤ / ٥٤ وفيه تحرّفت العبارة الأخيرة إلى «ثم تعتق بعد ذلك ما شئت ممن تعتقه»!.