قال جرير بن عبد الحميد ، عن سفيان بن عبد الله إنّ عمر بن عبد العزيز سأل موسى بن نصير عن أعجب شيء رآه في البحر ، فقال : انتهينا إلى جزيرة فيها ستّ عشرة جرّة خضراء ، مختومة بخاتم سليمان عليهالسلام ، فأمرت بأربعة منها ، فأخرجت ، وأمرت بواحدة فنقبت ، فإذا شيطان يقول : والّذي أكرمك بالنّبوّة لا أعود بعدها أفسد في الأرض ، ثم نظر فقال : والله ما أرى بها سليمان ولا ملكه ، فانساخ في الأرض ، فذهب ، فأمرت بالبواقي فردّت إلى مكانها (١).
وقال اللّيث بن سعد : إنّ موسى بن نصير بعث ابنه مروان على جيش ، فأصاب من السّبي مائة ألف ، وبعث ابن أخيه في جيش فأصاب من السّبي مائة ألف أخرى (٢) ، فقيل للّيث : من هم؟ قال : البربر ، فلما جاء كتابه بذلك ، قال النّاس : إن ابن نصير والله أحمق ، من أين له أربعون (٣) ألفا يبعث بهم إلى أمير المؤمنين في الخمس؟ فبلغه ذلك فقال : ليبعثوا من يقبض لهم أربعين ألفا ، فلما فتحوا الأندلس جاء رجل فقال : ابعث معي أدلّك على كنز ، فبعث معه فقال لهم : انزحوا هاهنا ، فنزحوا فسال عليهم من الياقوت والزّبرجد ما أبهتهم فقالوا : لا يصدّقنا موسى ، فأرسلوا إليه ، فجاء ونظر ، قال اللّيث : إن كانت الطّنفسة لتوجد منسوجة بقضبان الذّهب ، تنظم السلسلة الذّهب باللّؤلؤ والياقوت ، فكان البربريّان ربّما وجداها فلا يستطيعان حملها حتى يأتيا بالفأس فيقسمانها (٤). ولقد سمع يومئذ مناد ينادي ولا يرونه : أيّها النّاس إنّه قد فتح عليكم باب من أبواب جهنّم.
وقيل : لما دخل موسى إفريقية وجد أكثر مدنها خالية لاختلاف أيدي البربر عليها ، وكانت البلاد في قحط ، فأمر النّاس بالصّوم والصلاة وإصلاح
__________________
(١) قارن بعبارته في سير أعلام النبلاء ٤ / ٤٩٧ ، والحلة السيراء ٢ / ٣٣٤.
(٢) وفيات الأعيان ٥ / ٣١٩.
(٣) في الأصل «عشرون».
(٤) قارن بسير أعلام النبلاء ٤ / ٤٩٧ ـ ٤٩٨.