والقول الثالث : التفصيل ، وهو الدلالة (١) في العبادات ، لا في المعاملات ، وهو مختار المحصول منهم (٢) ، والعلامة (٣) ، والمحقق (٤) ، وكثير من المتأخرين منا (٥).
والحق : أن النهي يقتضي فساد المنهي عنه مطلقا ، فههنا مققامان :
الاول : أن النهي يقتضي فساد ما تعلق به من العبادات.
والدليل عليه : أن المنهي عنه لا يكون مرادا ومطلوبا للمكلف ، والعبادة الصحيحة ـ واجبة أو مندوبة ـ تكون مرادة ومطلوبة للمكلف ، فلا يكون المنهي عنه عبادة صحيحة ، وهو ظاهر.
واعلم أن النهي : قد يرجع إلى نفس العبادة ، كالنهي عن صلاة الحائض.
وقد يرجع إلى جزئها ، كالنهي عن قراءة العزائم في اليومية ، بناءا على جزئية السورة.
وقد يرجع إلى وصف لازم ، كالنهي عن الجهر في الفرائض النهارية.
وقد يرجع إلى (٦) أمر مقارن غير لازم ، كالنهي عن قول ( آمين ) بعد الحمد ، وعن التكفير ـ وهو وضع اليمين على الشمال في الصلاة ـ ونحو ذلك.
واقتضاء النهي الفساد في الثلاثة الاول ظاهر ، إذ صحة الكل والملزوم ، مع فساد الجزء واللازم (٧) ، ظاهر الفساد.
وأما القسم الاخير : فقد وقع الخلاف فيه بين فقهائنا :
__________________
١ ـ زاد في ط كلمة ( مطلقا ) في هذا الموضع.
٢ ـ المحصول : ١ / ٣٤٤.
٣ ـ تهذيب الوصول : ٣٣.
٤ ـ معارج الاصول : ٧٧.
٥ ـ معالم الدين : ٩٦.
٦ ـ زاد في ب في هذا الموضع كلمة : وصف.
٧ ـ حرف العطف ساقط من أ وب.