وتحقق العلاقة بين المعنى الحقيقي للعام ـ وهو الافراد بالاسر ـ وبين الواحد والاثنين والثلاثة من تلك الافراد ، وهي الجزئية.
احتج من ذهب إلى أنه لا بد من بقاء جمع يقرب من مدلول العام : بقبح قول القائل : ( أكلت كل رمانة في البستان ) وفيه آلاف وقد أكل واحدة أو ثلاثة (١) ، وقوله : ( أخذت كل ما في الصندوق من الذهب ) وفيه ألف ، وقد أخذ دينارا إلى ثلاثة (٢) ، وكذا قوله : ( كل من دخل داري فهو حر ) ، أو : ( كل من جاءك فأكرمه ) ، وفسر بواحد أو ثلاثة (٣).
والجواب :
أولا : منع القبح الذي ادعاه ، مع نصف القرينة ، نعم يقبح بدون نصب القرينة ، كما يصح قول القائل : ( له علي (٤) عشرة إلا تسعة ) و : ( أكرم الناس إلا الجهال ) وإن كان العالم واحدا ، اتفاقا ، من غير نقل خلاف من أحد ، مع أنه لا يصح أن يقول : ( له علي عشرة ) و : ( أكرم الناس ) ، وفسر العشرة بواحد ، والناس بزيد مثلا.
وثانيا : بأنا لا ندعي صحة استعمال العام في واحد مخصوص من أفراده ، أو في اثنين أو في (٥) ثلاثة أو نحو ذلك ، بل المراد بالتخصيص إلى الواحد والاثنين ونحو ذلك : أن يكون العام مستعملا في المعنى الكلي ، ولكن يكون الحكم المتعلق بالعام متعلقا بواحد من أفراده أو إثنين أو نحو ذلك ، بسبب المخصص.
والفرق ظاهر بين استعمال العام في الواحد المخصوص ، وبين تعلق الحكم
__________________
١ ـ المستصفى : ٢ / ٩١ ، المحصول : ١ / ٤٠٠ ، المنتهى : ١٢٠.
٢ ـ معارج الاصول : ٩٠.
٣ ـ معالم الدين : ١١٠. والعبارة فيه : وفسره.
٤ ـ كلمة ( علي ) : ساقطة من الاصل ، اثبتناها من باقي النسخ.
٥ ـ كلمة ( في ) : زيادة من ط.