فلا يجوز العمل بالاستصحاب ، لانه حينئذ يرجع إلى فقد الشرط الاول حقيقة ، وإلا فيصح التمسك به.
وفي مسألة من طلق زوجته المرضعة ، ثم تزوجت بعد العدة بزوج آخر ، وحملت منه ، ولم ينقطع بعد لبنها ، فالحكم بأن اللبن للزوج الاول للاستصحاب ، كما فعله المحقق في الشرائع (١) وغيره ـ يتوقف على ملاحظة ما دل على أن لبن المرأة ، الحاصل (٢) من الذي حملت منه ، هل يشمل هذه الصورة؟ أو لا؟ فعلى الاول لا يصح الاستصحاب ، لانه إما أن يتعين الحكم بالثاني ، أو يصير من قبيل تعادل (٣) الامارتين ، فيحتاج إلى الترجيح ، وعلى الثاني يصح.
الثالث : أن لا يكون هناك استصحاب آخر معارض له ، يوجب نفي الحكم الاول في الثاني.
مثلا : في مسألة الجلد المطروح ، قد استدل جماعة على نجاسته باستصحاب عدم الذبح ، فإن في وقت حياة ذلك الحيوان يصدق عليه أنه غير مذبوح ، ولم يعلم زوال عدم المذبوحية ، لاحتمال الموت حتف أنفه ، فيكون نجسا لان الطهارة حينئذ لا تكون (٤) إلا مع الذبح ، فإن هذا الاستصحاب معارض باستصحاب طهارة الجلد الثابتة في حال حياته ، إذ لم يعلم زوالها ، لاحتمال الذبح ، وباستصحاب عدم الموت حتف أنفه أو نحوه الثابت أولا ، كعدم المذبوحية.
واستدل بعض آخر على النجاسة : بأن للذبح أسبابا حادثة ، والاصل عدم الحادث ، فيكون نجسا.
وقد عرفت أيضا : أن أصالة العدم أيضا مشروطة بشروط ، منها أن لا يكون
__________________
١ ـ شرائع الاسلام : ٢ / ٢٨٢.
٢ ـ كذا في ط ، وفي الاصل وأ و ب : الحامل.
٣ ـ في ط : تعارض.
٤ ـ كذا في أ و ط ، وفي الاصل و ب : لا يمكن.