ومنه : تعليق الحكم على الوصف المناسب ، مثل ( أكرم العلماء ).
ومنها : السبر والتقسيم ، وهو : حصر الاوصاف الموجودة في الاصل ـ الصالحة للتعليل ـ في عدد ، ثم إبطال بعضها ، وهو ما سوى الذي يدعى أنه العلة ، كما يقال في قياس الذرة على البرفي الربوية : إن الاوصاف الصالحة للعلية في البر ليس إلا القوت والطعم والكيل ، لكن القوت والطعم لا يصلح للعلية ، فتعين الكيل.
ومنها : تخريج المناط ، وهو : تعيين العلة في الاصل بمجرد المناسبة بينها وبين الحكم في الاصل ، لا بالنص ولا بغيره ، كالاسكار للتحريم ، فإن النظر في المسكر وحكمه ووصفه ، يوجب العلم بكون الاسكار مناسبا لشرع التحريم ، وكالقتل العمد العدوان ، فإنه بالنظر إلى ذاته مناسب لشرع القصاص.
والمناسب ـ اصطلاحا ـ : وصف ظاهر منضبط ، يحصل من ترتب الحكم على (١) ما يصلح أن يكون مقصودا للعقلاء : من حصول مصلحة ، أو دفع مفسدة.
وفي هذه الطريقة لا يحتاج إلى السبر.
ويرد على القياس ـ بعد الايرادات المذكورة في المطولات ـ : أنه قد لا تكون علة الحكم في الشيء شيئا من أوصاف ذلك الشيء ، كما يدل عليه قوله تعالى : ( فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ ) الآية (٢) ، وفي آية اخرى : ( وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا ) الآية (٣) ، فإنه يدل على أن علة تحريم هذه الاشياء عصيانهم ، لا أوصاف تلك الاشياء ، فتأمل.
* * *
__________________
١ ـ كذا الصواب ، وفي النسخ : عليه. بدل : على.
٢ ـ النساء / ١٦٠.
٣ ـ الانعام / ١٤٦.