الدور ، لانه تجز في مسألة التجزي ، وتعلق بالظن في العمل بالظن. ورجوعه في ذلك إلى فتوى المجتهد المطلق ، وإن كان ممكنا ، لكنه خلاف المراد ، إذ الفرض إلحاقه إبتداءا بالمجتهد ، وهذا إلحاق له بالمقلد بحسب الذات ، وإن كان بالعرض إلحاقا بالاجتهاد ، ومع ذلك فالحكم في نفسه مستبعد ، لاقتضائه (١) ثبوت الواسطة بين أخذ الحكم بالاستنباط والرجوع فيه إلى التقليد ، وإن شئت قلت : تركب التقليد والاجتهاد ، وهو غير معروف » انتهى (٢).
وفيه بحث من وجوه :
الاول : أن قوله : « التعويل في اعتماد ظن المجتهد المطلق ، إنما هو على دليل قطعي ، وهو إجماع الامة ، وقضاء الضرورة به » ـ غير صحيح ، إذ ظاهر : أن هذه المسألة مما لم يسأل عنها الامام عليهالسلام ، وظاهر : أن العمل بالروايات في عصر الائمة عليهمالسلام ، للرواة ، بل وغيرهم ، لم يكن موقوفا على إحاطتهم بمدارك كل الاحكام ، والقوة القوية على الاستنباط ، بل يظهر بطلانه بأدنى اطلاع على حقيقة أحوال (٣) قدماء الاصحاب.
والحاصل : أن العلم بالاجماع الذي يقطع بدخول المعصوم عليهالسلام في هذه المسألة ، بل وفي غيرها من المسائل التي لم يوجد فيها نص شرعي ـ مما لا يكاد يمكن.
وقوله : « وقضاء الضرورة به » : إن أراد : حكم بديهة العقل به من غير ملاحظة أمر خارج ، فظاهر البطلان ، إذ العمل بالظن ونحو ذلك ، ليس من البديهيات الصرفة.
وإن أراد : حكم العقل به ، بسبب أنه إذا احتاج المكلف إلى العمل ، وانحصر طريقه في الاجتهاد والتقليد ، فالبديهة تحكم بتقديم العمل بالحجة
__________________
١ ـ كذا في أ و ب و ط والمصدر ، وفي الاصل : لافضائه.
٢ ـ معالم الدين : ٢٣٩.
٣ ـ في ط : طريقة. بدل : حقيقة احوال.