التعيين في أحدهما والاطلاق في الآخر ، على تقدير تقارب زمانهما ، بحيث لم تحصل البراءة من الاول؟ وكأنه لا خلاف في عدم صحة إجارة الحج لمن عليه حج واجب من نفسه ، أو لاجارة سابقة من القدرة ، ولم يظهر له مدرك غير المسألة الاصولية.
وكذا الحال في بقية المسائل ، سيما حجية خبر الواحد ، والاحتياج إلى العلم بمثل هذه الفروع المذكورة مما لا يعتريه شك.
القائل بالاستغناء عن علم الاصول يلزمه : إما القول ببداهة أحد طرفي هذه المسائل ، أو : بعدم الاحتياج إلى العلم بهذه المسائل ، وكلاهما بديهي البطلان.
والسر في عدم احتياج القدماء إلى تحقيق هذا القسم ـ على تقديره ـ : أن بعض هذا القسم كان لهم غنى عن تحقيق حاله ، مثل حجية خبر الواحد وما يتعلق به ، فإن حصول العلم لهم ـ بسبب المشافهة من المعصوم عليهالسلام ، وبالتواتر (١) ، وبالقرائن المفيدة للعلم ، بسبب قرب زمانهم ـ أغناهم عن النظر في خبر الواحد وما يتعلق به ، ولهذا ترى أكثر القدماء ينكرون خبر الواحد ، كابن بابويه في أول كتاب الغيبة ، والسيد المرتضى ، وابن زهرة ، وابن ادريس ، بل الشيخ الطوسي ، كما لا يخفى على المتأمل ، وغيرهم (٢).
وبعض آخر منه : من عاداتهم وعرفهم يعلمونه ، كالقسم الاول ، مثل : مقدمة الواجب ، والمفهومات ، والعام المخصص ، ونحوها ، بل يمكن إدراجها في القسم الاول أيضا.
وبعض آخر : مما لم يخطر في بالهم ، ولو خطر ببالهم لسألوا عنه إمام زمانهم عليهالسلام ، مثل : احتمال بطلان الصلوة مع سعة الوقت ، لمن عليه حق
__________________
١ ـ كذا في أ و ط ، وفي ب : أو بالتواتر ، وفي الاصل ، أسقط حرف العطف.
٢ ـ راجع ذلك فيما أوردناه في هوامش ص ١٥٨.