ولا أقل : يحصل التعارض ، وإثبات شيء من التكاليف يحتاج إلى دليل ، فتأمل.
وأيضا : فالظاهر أن إخبار ابن بابويه رحمهالله بصحة أخبار كتابه ، ليس من حيث علمه بصحة خصوصية كل خبر منها ، بل لاجل صحة الكتب التي أخذ الأخبار منها.
مع : أنه كثيرا ما يرد الأخبار المأخوذة من هذه الكتب بالقدح في أسانيدها ، وكثيرا ما يرد الرواية بأنه تفرد فلان بها ، ويذكر اسم رجل هو ثقة صاحب كتاب معتمد ، كما قال ـ في أول باب وجوب الجمعة وفضلها ، في رواية حريز عن زرارة ـ : « تفرد بهذه الرواية حريز عن زرارة ، والذي أستعمله وافتي به كذا ... » إلى آخره (١).
فلو كان كتاب زرارة أو حريز عنده قطعيا ، لم يكن تفرد حريز ضارا ، كما لا يخفى ، وقال ـ في كتاب الحج ، في باب إحرام الحائض والمستحاضة ، بعد نقل رواية محمد بن مسلم عن أحدهما ـ : « وبهذا الحديث افتي ، دون الحديث الذي رواه محمد بن مسكان ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عمن سأل أبا عبدالله عليهالسلام .... الحديث ، لان هذا الحديث إسناده منقطع ، والحديث الاول رخصة ورحمة ، وإسناده متصل » (٢).
وأمثال ذلك في هذا الكتاب كثير.
والحاصل : أن تعرضه لقبول الحديث ولرده (٣) بسبب الاسناد كثير ، مع وحدة الكتاب المأخوذ منه ، وهذا ينافي قطعية الكتاب عنده.
وأيضا : تعرضه لذكر المشيخة على هذا عبث ، بل ينبغي على هذا أن يقول : إني أخذت الأخبار من الكتب القطعية ، والاحاديث قطعية ، لا يحتاج إلى الاطلاع على رواتها ، وعلى طريقي إليهم.
__________________
١ ـ الفقيه : ١ / ٤١١ في تعليقه على الحديث ١٢١٩.
٢ ـ الفقيه : ٢ / ٣٨٣ ح ٢٧٦٦ ، ٢٧٦٧.
٣ ـ في ط : وكذا رده.