وأيضا : إنه أورد في بحث صحة أحاديثنا : أن الفاضل المدقق محمد بن إدريس الحلّي رحمهالله ، أخذ أحاديث من اصول قدمائنا التي كانت عنده ، وذكرها في باب هو آخر أبواب السرائر ، وأورد حديثين عن جامع البزنطي ، صاحب الرضا عليهالسلام : أحدهما : عنه ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبدالله عليهالسلام ، قال : « إنما علينا أن نلقي اليكم (١) الاصول ، وعليكم أن تفرعوا ».
والثاني : أحمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي الحسن الرضا عليهالسلام قال : « علينا إلقاء الاصول إليكم (٢) ، وعليكم التفريع » (٣).
فإن هذين الحديثين الصحيحين : يدلان على لزوم رد الفروع إلى الاصول ، وظاهر : أنه لا معنى للتفريع إلا إجراء حكم الاصول والكليات إلى الجزئيات والافراد مطلقا ، بل لا يخفى صدق التفريع المأمور به في الاجراء إلى الافراد المظنونة الفردية ، ولكنه محل تأمل.
واعلم : أن الاجتهاد كما يطلق على استعلام الاحكام من الادلة الشرعية ، كذلك يطلق على العمل بالرأي وبالقياس ، وهذا الاطلاق كان شائعا في القديم (٤).
قال الشيخ الطوسي ، في بحث شرائط المفتي ، من كتاب العدة : « إن جمعا من المخالفين عدوا منها : العلم بالقياس ، وبالاجتهاد ، وبأخبار الآحاد ، وبوجوه العلل ، والمقاييس ، وبما يوجب غلبة الظن » ثم قال : « إنا بينا فساد ذلك ، وذكرنا أنها ليست من أدلة الشرع » (٥) وظاهر : أن الاجتهاد الذي ذكر أنه
__________________
١ و ٢ ـ في ط : عليكم.
٣ ـ الفوائد المدنية : ١٥٤.
٤ ـ كانت نقطة التحول في اصلاح الاجتهاد على يد المحقق الحلّي إذ عرف الاجتهاد ببذل الجهد في استخراج الاحكام الشرعية ( معارج الاصول : ١٧٩ ) بعد ان كان عبارة عن أحد الادلة الشرعية وواقعا في عرضها كما سيوضحه المصنف فيما بعد.
٥ ـ عدة الاصول : ٢ / ١١٥.