إلا شاذ من الحنفية! (١)
نعم ، نقل الشهيد في الشرح ، في كتاب الصلح (٢) ، عن التذكرة (٣) : أنه قال في مسألة : « ولست أعرف في هذه المسألة بالخصوصية ، نصا من الخاصة ، ولا من العامة ، وإنما صرت إلى ما قلت عن اجتهاد » انتهى ، وظاهر : أن مراده بالاجتهاد هو : الاستدلال بالعمومات ، فإنه استدل على فتواه في هذه المسألة ، بجواز تصرف الانسان في ملكه كيف شاء ، ودلالة العمومات عليه ظاهرة.
وقد وجدت مواضع مما عدّة من أغلاط العلامة ، غير موافق لعبارة الكتاب الذي نقله عنه.
فإن قال : لا يجوز رد الفروع والجزئيات إلى اصولها.
قلنا : لا شك أنا إذا علمنا أن هذا الحكم متعلق بهذا الكلي ، وعلمنا أن هذا الشيء الخاص فرد لهذا الكلي ، يحصل لنا العلم بأن ذلك الحكم متعلق بذلك الشيء الخاص.
فإن قال : إن فردية الفرد لابد أن تكون قطعية حتى يصح الحكم ، مع أن الفقهاء يحكمون بمجرد الظن.
قلنا : الذي ذكره الفقهاء الحكم على الاشياء بالادلة الظنية التي ثبتت حجيتها في الشرع ، ولا يعلم من ذلك أنهم كانوا يكتفون في فردية الفرد ، واندراج الجزئي بالظن ، حتى يصح الطعن.
مع : أنه يمكن الاستدلال على الاعتماد على هذا الظن أيضا ـ بما يستدل به على حجية خبر الواحد ، كما لا يخفى.
__________________
١ ـ لاحظ التعليقة المذكورة برقم ( ١ ) في الصفحة السابقة.
٢ ـ المسالك : ١ / ٢١٤ ـ كتاب الصلح / في شرح قول المحقق : « المسألة الأولى يجوز اخراج الرواشن والاجنحة ... إلى آخره ».
٣ ـ التذكرة : ٢ / ١٨٢ ـ كتاب الصلح / الفصل الثالث / مسألة « إذا أخرج جناحا أو روشنا في الشارع النافذ فقد بينا أنه ... ».