العلماء به ، وكثرة تداوله بين المحصلين ، وصيرورته متنا دراسيا لطلاب الحوزات العلمية لفترة طويلة ، واعتناء العلماء به حتى اكثروا من الشروح والتعليقات عليه ، كما سيمر عليك ذكرها.
٤ ـ تأثيره في حيوية العلم.
تم تأليف هذا الكتاب في سنة ( ١٠٥٩ هـ ) وهي الفترة التي مني فيها علم الاصول بحركة مضادة ، فكان للمصنف بكتابه هذا دور عظيم في الابقاء على حيوية هذا العلم ، وبصورة أدق وأسلم مما سبقه من المصنفات الاصولية بحيث تنقشع ـ باسلوبه ومتانته ـ السحب التي أثارها معارضو علم الاصول ، والنقود التي اوردوها على المصنفات الاصولية السابقة.
فقد أجاد المصنف في هذا الكتاب الرد على أهم الاراء المضادة للاصول ، واكثرها تطرفا ، كالقول بقطعية أخبار الكتب الاربعة ، والقول بعدم الحاجة إلى علم الاصول ، فكان سدا منيعا أمام استفحال تلك الآراء في منطقة خراسان وحوزتها العلمية.
وتصدى للمحدث الأمين الاسترابادي ، الذي أثار تلك الاراء ، وناقشه في هذا الكتاب بمتانة ودقة وموضوعية تامة.
وبالتالي فهو يشكك في حجية مطلق الخبر الواحد ، ويلتزم بتقسيم الحديث إلى الاقسام المعروفة من الصحيح والحسن والموثق والضعيف ، إلا أنه ينتهي بالرأي إلى جواز العمل بأخبار الكتب الاربعة والقول بحجيتها مشترطا ذلك بشرطين دون أن يلتزم بقطعية صدورها.
ويتمسك بأصالة البراءة ، ويستشهد بها في عدة مواضع.
وقد ادى حق كل ذلك بعيدا عن التطرف إلى فئة معينة ، ولذلك نراه يذهب إلى جواز تقليد الميت ولا يقول بجواز التقليد مطلقا ، كما لا يبت بالذهاب إلى حجية مطلق ظواهر الكتاب ، مما يدل على حرية في التفكير ، واتباع مطلق للدليل ، فهو حقا ( من أبناء الدليل ، حيثما مال يميل ).