حجة من قال بأنها حقيقة في الوجوب أمور :
أحدها : أن السيد إذا قال لعبده : ( إفعل كذا ) ولم يكن هناك قرينة أصلا ، فلم يفعل ، عد عاصيا ، وذمه العقلاء لتركه الامتثال ، فتكون للوجوب. (١)
والجواب : لا نسلم تحقق العصيان والذم على تقدير انتفاء القرينة ، والقرائن في مثل هذه المواضع لا يكاد يمكن انتفاؤها ، إذ الغالب علمه بالعادة العامة ، أو عادة مولاه ، أو فوت منفعة مولاه ، ولهذا لو أمره مولاه بما (٢) يختص بمصالحه ، من غير أن يعود على السيد منه نفع ولا ضرر ، لما ذمه العقلاء إذا لم يفعل ، وهذا ظاهر.
والادلة الباقية : آيات قرآنية ، تدل على عدم جواز ترك ما تعلق به أمر الشارع (٣) ، وسيجيء بعضها.
والجواب : أن هذه الآيات لا تدل على كون الصيغة حقيقة في الوجوب ، كما لا يخفى.
وحجة من قال بأنها للندب أمران :
أحدهما : قول النبي صلىاللهعليهوآله « إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم (٤) » أي ما شئتم (٥).
__________________
يوجب مجازيتها في اغلب مواضع الايجاب ، وهم ينكرونه. فالحق ما عرفت من أن العقاب على ترك الفعل أو حرمان الثواب عليه ، أو الثواب على الفعل ، ليسا مما يتعقل دخوله في معنى الصيغة ، فتأمل جدا. ( منه رحمهالله ).
١ ـ معارج الاصول : ٦٤.
٢ ـ في أ : لما.
٣ ـ : الذريعة : ١ / ٥٧ ـ ٥٨ ، المحصول : ١ / ٢٠٥ ـ ٢٣٤.
٤ ـ غوالي اللآلي : ٤ / ٥٨ ح ٢٠٦ ، صحيح مسلم : ٢ / ٩٧٥ ح ١٣٣٧ ، مسند أحمد : ٢ / ٢٤٧ السنن الكبرى : ١ / ٢١٥.
٥ ـ المنتهى : ٩٢.