ثالثها : أنها لا تدل على شيء منهما (١) وهو الحق ، إلا أن الاقوى وجوب التعجيل في الامر المجرد عن القرائن ، فههنا أيضا مقامان :
الاول : عدم الدلالة على الفور ولا على التراخي.
ولنا فيه : أن المتبادر من الامر ليس إلا طلب الفعل من غير فهم شيء من الاوقات والازمان منه ، وهو ظاهر (٢).
الثاني : وجوب المبادرة إلى امتثال الفعل المأمور به ، وليس المراد بالفور ـ في المقام الثاني ـ المبادرة بالفعل في أول أوقات الامكان ، بل ما يعد به المكلف الفاعل عرفا مبادرا ومعجلا ، وغير متهاون ومتكاسل (٣) ، وهذا أمر يختلف بحسب اختلاف الآمر والمأمور والفعل المأمور به ، مثلا : إذا أمر المولى عبده بسقي الماء ، فبتأخيره ساعة تفوت الفورية ، ويعد العبد متهاونا.
وإذا أمره بالخروج إلى مصر (٤) بعيد الغاية ـ كالهند ـ فبتأخر اسبوع بل شهر لا تفوت الفورية ، ولا يعد متهاونا.
والدليل عليه من وجوه :
الاول : أن جواز التأخير على تقديره ليس إلى (٥) غاية معلومة ، إذ لا دلالة للصيغة على غاية معلومة ، ولو استفيدت (٦) الغاية من أمر خارج ، يخرج عن محل
__________________
الشيخ الطوسى إلى انه يقتضي الفور : العدة : ١ / ٨٥ ، وبه قالت الحنفية ، كما في المحصول : ١ / ٢٤٧ ، المنتهى : ٩٤ ، والحنابلة ، كما في المنتهى : ٩٤.
١ ـ ذهب اليه الشافعي ، كما في : المنتهى : ٩٤ ، واختاره الفخر الرازي : المحصول : ١ / ٢٤٧ ، والمحقق الحلّي : معارج الاصول : ٦٥ ، وابن الحاجب : المنتهى : ٩٤ ، والعلامة الحلّي : تهذيب الوصول : ٢٢ : والمحقق الشيخ حسن : معالم الدين : ٥٦.
٢ ـ انظر مصادر البحث السابق.
٣ ـ كذا الظاهر ، وفي النسخ : متكاهل.
٤ ـ كذا في ب ، وفي سائر النسخ : سفر.
٥ ـ في ط : ليس له.
٦ ـ كذا في ط ، وفي الاصل وأ : استفاد ، وفي ب : استفادة.