بالتّخفيف أو ان مخفّفة مهملة وارى مقدّرة ولام لمّا موطّئة أو لام خبر انّ وما للفصل بين اللّامين أو لام لمّا خبر انّ وما موصولة أو موصوفة ، أو ان نافية وارى مقدّرة ولام لما بمعنى الّا على قول من يجعل اللّام بعد ان بمعنى الّا وما للفصل أو ما موصولة أو موصوفة ، وعلى قراءة ان بالتّخفيف وكلّ بالرّفع ولمّا بالتّشديد فان مخفّفة مهملة وكلّ مبتدء ولمّا على الوجوه السّابقة ، أو انّ نافية ولمّا استثنائيّة وعلى قراءة ان بالتّخفيف وكلّ بالرّفع ولمّا بالتّخفيف فان مخفّفة مهملة أو نافية ولمّا على الوجوه السّابقة ، والمقصود تهديد المنكرين فالمعنى وانّ كلّا من المنكرين أو تهديد المنكرين وترغيب المؤمنين ، فالمعنى وان كلّا من المؤمنين والكافرين ليوفّينّهم ربّك أعمالهم (إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ) اى إذا كان الأمر هكذا فاستقم وتمكّن والاستقامة من قام من الانحناء أو من قام بالأمر بمعنى كفاه والهيئة للطّلب أو للمبالغة فمعنى استقام طلب القيام من نفسه أو القيام بالأمر من نفسه وهو أيضا يفيد المبالغة أو بالغ فيه ، ومعنى الآية فاستقم استقامة مماثلة لمأموريّتك وموازية لها أو استقامة مثل الاستقامة الّتى أمرت بها.
اعلم ، انّ الإنسان مأمور تكوينا بالسّير من ادنى مراتب الوجود وهو العناصر الاربعة بل مادّة الموادّ الى أعلاها وهو مقام الإطلاق والخروج من التّعيّن والتّقيّد وسيره من مقام الطّبع على مراتب الجماد والحيوان الى مقام البشر وظهور العقل الجزئىّ الّذى هو مناط التّكليف وظهور الاختيار بمحض الأمر التّكوينىّ من دون مداخلة اختيار وتكليف ، وبعد ظهور العقل وتمييز الخير والشّرّ الانسانيّين لمّا كان قد يعارض اختياره الأمر التّكوينىّ ويمنعه عن سيره على المراتب العالية أدركه الرّحمة والعناية الالهيّة بالأوامر والنّواهى التّكليفيّة على السنة رسله وأوصيائهم (ع) ، فان ساعده التّوفيق في امتثال الأوامر والنّواهى وسار بمقتضى فطرته على المراتب العالية من الملكوت والجبروت الى مقام الإطلاق المعبّر عنه باللّاهوت والمشيّة والحقّ المخلوق به والولاية المطلّقة وتمكّن في ذلك صار منتهيا في سيره الى ما امر به وصار مستقيما متمكّنا في جميع ما امر به تكوينا وتكليفا ، وان لم يساعده التّوفيق وتنزّل الى الملكوت السّفلى وعالم الجنّة والأرواح الخبيثة صار مخالفا للأمر التّكوينىّ والتّكليفىّ فضلا عن ان يكون مستقيما فيه ، فانّ الاستقامة هو التّمكّن في المأمور به بحيث يصير راسخا غير محتمل الزّوال بسهولة ، والسّالك الى الله عروجه على المقامات وان كان صعبا لكن تمكّنه فيها بحيث لا يزول عنه أصعب من دخوله فيها فانّ الدّخول في مقام التّوكّل صعب لكن تمكّنه في التّوكّل بحيث لا يزول عنه في حال من الأحوال أصعب من دخوله فيه ، وهكذا الإنسان الملكىّ عروجه الى الملكوت صعب لكن تمكّنه فيها بعد عروجه إليها بحيث لا يشغله شأن من شؤنه عنها أصعب وقد أشار المولوىّ قدسسره الى السّير على تلك المراتب والتّمكّن فيها والانتهاء الى مقام الإطلاق بقوله :
از جمادى مردم ونامي شدم |
|
وز نما مردم بحيوان سر زدم |
مردم از حيوانى وآدم شدم |
|
پس چه ترسم كى ز مردن كم شدم |
حمله ديگر بميرم از بشر |
|
تا برآرم از ملايك بال وپر |
واز ملك هم بايدم جستن ز جو |
|
كلّ شيء هالك الّا وجهه |
بار ديگر از ملك پرّان شوم |
|
آنچه اندر وهم نايد آن شوم |
پس عدم گردم عدم چون ارغنون |
|
گويدم انّا اليه راجعون |
فانّه أشار بذكر الموت الى التّمكّن في المقام الّذى مات منه لانّه لو لم يتمكّن في ذلك المقام لم يكن حيّا به بل كان آثار ذلك المقام عرضيّا لا ذاتيّا فلم يكن حيوته الّتى هي قوام ذاته به ، وما لم يكن حيّا به