لم يتصوّر موته منه وأراد بالملك جنس الملائكة ذوي الاجنحة الّتى عالمها الملكوت ، والمراد بما لم يدخل في الوهم المجرّدات الصّرفة الّتى لا يتصوّرها الواهمة لانّ تصوّرها لا يتجاوز عن المتقدّرات وهي وجه الله الباقي بعد هلاك كلّ شيء ، وصيرورته عدما اشارة الى مقام الإطلاق أو المراد بصيرورته غير مو هوم مقام الإطلاق وصيرورته عدما تأكيدا له ، ولمّا كان التّمكّن في جملة المراتب امرا عظيما صعبا امره (ص) بالاستقامة في جميع ما امر به دون المؤمنين لانّه لا يتيسّر لهم التّمكّن في جميع ما أمروا به الّا من ندر منهم ، فانّ تقديم كما أمرت على المعطوف للاشارة الى هذه اللّطيفة ولذلك لم يصرّح بأمرهم بالاستقامة فيما يتيسّر لهم بل جعل أمرهم تابعا لأمره (ص) وقال من غير تصريح بأمرهم (وَمَنْ تابَ مَعَكَ) كأنّه صار مأمورا باستقامة المؤمنين دون المؤمنين ولهذا ورد عنه (ع): شيّبتنى سورة هود وورد انّه ما نزلت آية كانت اشقّ على رسول الله (ص) من هذه الآية ، ووجهه انّه امر فيها باستقامة أمّته والّا فاستقامته بنفسه كانت سهلا عليه ولم يقل: شيّبتنى سورة الشّورى ، لانّ الآية هنا لك مطلقة عن ذكر من تاب معه الّذين بايعوا معه البيعة العامّة النّبويّة الاسلاميّة فانّ التّوبة جزؤ للبيعة واحد أركانها سواء كانت البيعة اسلاميّة أو ايمانيّة ومعك ظرف للتّوبة من حيث انّ النّبىّ (ص) أو الولىّ يحصل له رجوع وانسلاخ من الكثرات حين البيعة وتوبة البائع أو ظرف للاستقامة أو هو حال أو المراد بمن تاب عموم المؤمنين بالبيعة الخاصّة خصوصا أمير المؤمنين (ع) أو المراد أمير المؤمنين خاصّة (وَلا تَطْغَوْا) ولا تخرجوا من الاستقامة فانّه نحو من الطّغيان أو لا تتجاوزوا حدود الله ولجواز اتّصاف المؤمنين بالطّغيان اشركهم معه (ص) في النّهى أو صرف الخطاب عنه (ص) إليهم (إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) تهديد وترغيب للمستقيم والطّاغى (وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) من قبيل ذكر الخاصّ بعد العامّ تأكيدا ، والرّكون هو الميل اليسير والمراد بالظّلم ظلم آل محمّد (ص) ويجرى في كلّ من ظلم غيره من حيث ظلمه ، وامّا من ظلم نفسه فقط فهو وان كان من حيث ظلمه لنفسه ظالما لكن لمّا كان حيثيّة ظلمه لنفسه خفيّة غير ظاهرة لغيره لم يكن داخلا فيه ظاهرا وان كان بحسب الطّريق داخلا والرّكون اليه موجبا لمسيس نار ظلمه النّاشئة من جهله (فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ) عن الصّادق عليهالسلام هو الرّجل يأتى السّلطان فيحبّ بقاءه الى ان يدخل يده كيسه فيعطيه ، وعنه (ع) امّا انّها لم يجعلها خلودا ولكن تمسّكم فلا تركنوا إليهم (وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ) فلا تتّخذوهم أولياء (ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) الجملة الاولى حال عن مفعول تمسّكم والثّانية عطف على تمسّكم (وَأَقِمِ الصَّلاةَ) عطف على استقم أو لا تطغوا أو لا تركنوا (طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ) المراد بطرفي النّهار كما في الخبر الغداة والمغرب وزلفا جمع زلفة بمعنى القريبة اى ساعات قريبة من النّهار والمراد العشاء (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ) تعليل لاقامة الصّلوة والمقصود دفع توهّم نشأ من النّهى عن الطّغيان بمعنى عدم التّمكّن والنّهى عن الرّكون الى الظّلمة كأنّه توهّم انّه لا يخلو أحد من عدم التّمكّن والرّكون الى الظّالم ولا سيّما الظّالم لنفسه ، وفي الخبر انّ الصّلوة الى الصّلوة كفّارة ما بينهما ما اجتنبت الكبائر ، وورد انّ الله يكفّر بكلّ حسنة سيّئة ، وورد انّه ليس له شيء اشدّ طلبا ولا أسرع دركا للخطيئة من الحسنة امّا انّها لتدرك الّذنب العظيم القديم المنسىّ عند صاحبه فتحطّه وتسقطه وتذهب به بعد إثباته ، وذلك قوله سبحانه : انّ الحسنات يذهبن السّيّئات ، وعن أحد الصّادقين (ع) : انّ عليّا (ع) قال : سمعت حبيبي رسول الله (ص) يقول : أرجى آية في كتاب الله أقم الصّلوة طرفي النّهار (الآية) وقال: يا علىّ