مَوْثِقَهُمْ قالَ اللهُ عَلى ما نَقُولُ وَكِيلٌ) استشهد بوكالة الله تأكيدا للوثيقة أو توكّلا عليه لا على الوثيقة يعنى انّى توكّلت عليه وفعلت ما كان علىّ من التّوسّل بالأسباب أو تيمّنا بذكره لإمضاء الوثيقة (وَقالَ يا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بابٍ واحِدٍ) لمّا علم انّ الملك وأعوانه عرفوهم وعلموا انّهم بنو أب واحد خاف عليهم العين فوصّاهم بحسب البشريّة بالتّدبير له في العين (وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوابٍ مُتَفَرِّقَةٍ) ولمّا لم يعتمد على تدبيره قال (وَما أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ) وأمري بهذا التّدبير كان لمحض التّوسّل بالأسباب الّذى امر الله عباده به في التّوكّل (عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ) من الأبواب المتفرّقة (ما كانَ) أبوهم أو تدبيره أو دخولهم بحسب تدبيره (يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللهِ) من تقدير الله (مِنْ شَيْءٍ) شيئا من الإغناء أو شيئا من التّقدير فنسبوا الى السّرقة وأخذ بنيامين (إِلَّا حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ) وهي التّوسّل بالتّدبير مع التّوكّل على الله مع العلم بعدم إغناء التّدبير عن التّقدير (قَضاها) امضيها والاستثناء منقطع (وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ) بانّ التّدبير لا يغني من التّقدير (لِما عَلَّمْناهُ) لأجل تعليمنا ايّاه أو بالّذى علّمناه لا بكلّ الأشياء والآية اشارة الى سعته وكماله (ع) في مرتبة البشريّة والعمل بمقتضاها من حيث انّها تقتضي التّوسّل بالأسباب والمرتبة العقليّة من حيث انّها تقتضي الانقطاع عن الأسباب والعلم بالاستقلال المسبّب في كلّ ذي سبب وانّ الأسباب حجّب لظهور اثر المسبّب (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) انّ الحذر لا يغني من القدر أو لا يتّصفون بمرتبة العلم استدراك لما يتوهّم من انّه ان كان ذو علم ينبغي ان لا يظهر مقتضى البشريّة الّذى يوهم الجهل يعنى انّه ، وان كان ذو علم ولكنّ أكثر النّاس ليس لهم علم فابرز مقتضى البشريّة لموافقتهم ومنهم أبناؤه المخاطبون له ، أو المعنى أنّه لذو علم ومقتضى علمه التّوسّل بالأسباب في التّوكّل ولكنّ أكثر النّاس لا يعلمون انّ مقتضى العلم التّوسّل بالأسباب ما لم يخرجوا من عالم الأسباب (وَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ آوى إِلَيْهِ أَخاهُ) وكيفيّة دخولهم عليه وايوائه ايّاه مذكورة بتفصيلها في المفصّلات (قالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلا تَبْتَئِسْ) لا تحزن (بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) من الاساءة الىّ وإليكم فانّها صارت سببا لرفعتنا وموجبا لسلطنتنا ويجمع الله بيننا وبين أبينا وإخوتنا في أحسن حال (فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ) المشربة الّتى بها تكال الاطعمة (فِي رَحْلِ أَخِيهِ) بنيامين (ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ) من قبل السّلطان (أَيَّتُهَا الْعِيرُ) اسم للإبل الّتى تنقل السّيّارة متاعهم عليها الى مقاصدهم ثمّ غلّب على السّيارة الّتى فيها تلك العير (إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ) تورية عن سرقتهم يوسف (ع) وبيعه بعنوان الرّقيّة أو عن سرقتهم ذرّيّة عقولهم واستخدامها بل استرقاقها لنفوسهم حتّى لا يكون كذبا ، وقيل بعد ما فقد الصّواع نسب السّرقة إليهم من دون اذن يوسف (ع) ، وفي الاخبار انّه كذب في مقام الإصلاح وما سرقوا وما كذب لانّ الكذب في مقام الإصلاح ليس بكذب وذلك لانّ يوسف (ع) أراد إصلاحهم بأخذ أخيه وخلاصهم من نفوسهم الامّارة بتضرّعهم الى الله والتجائهم الى يوسف (ع) وتذلّلهم عند أبيهم (قالُوا وَأَقْبَلُوا عَلَيْهِمْ) حال بتقدير قد ، أو عطف قبل تمام المعطوف عليه ، أو اعتراض ووجهه التّنبيه على كمال اطمينانهم وتجرّيهم على المجادلة لقطعهم بأنّهم غير فاعلين (ما ذا تَفْقِدُونَ قالُوا نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ