من جنسكم لتأنسوا بهنّ وترغبوا فيهنّ وترتاحوا إليهنّ وهذا بيان لنعمة اخرى (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً) قد فسّر الحفدة في الاخبار ببني البنت وبالبنين أنفسهم فيكون من عطف الأوصاف المتعدّدة لشيء واحد وباختان الرّجل على بناته لانّ الحافد بمعنى المسرع في الخدمة والكلّ مسرعون في الخدمة والكلّ من عظام النّعمة (وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ) أعطاكم من جملة الطّيّبات من المركوب والمسكون والمطعوم والمشروب أو رزقكم من الأرزاق الطّيّبة من المطعوم والمشروب (أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ) يعنى بالشّركاء الباطلة أو بانتساب ذلك الى الشّركاء (وَبِنِعْمَتِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ) من حيث انّهم يسترون انعامه تعالى فيها وينسبونها الى غيره تعالى من الشّركاء (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً) بدل من رزقا امّا لتأكيد التّحقير المستفاد من تنكير رزقا ، وامّا للاشارة الى تعميم رزقا وكونه بمعنى نصيبا ، والمراد برزق السّماوات هو أرزاق الإنسان من حيث انسانيّته وحيوانيّته وبرزق الأرض أرزاق الإنسان من حيث نباتيّته وحيوانيّته ، أو المراد برزق السّماوات والأرض رزق كلّ من المراتب بتعميم الرّزق لما يرزق وأسبابه (وَلا يَسْتَطِيعُونَ) ان يملكوه ، اولا استطاعة لهم ولا قدرة (فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ) اى لا تجعلوا له أمثالا تعبدونها لعبادته ، أو لا تضربوا له الأمثال بتشبيه حاله بحال الملوك وارتضاء الخدمة من عبيدهم ومقرّبيهم واجرائهم أرزاق العساكر على أيدي وزرائهم وامنائهم وبان تقولوا انّ خدمة مقرّبى السّلطان ادخل في التّعظيم وأمثال ذلك فانّه أعلى من ان تعرفوه وتعرفوا كيفيّة أوصافه وأفعاله حتّى تضربوا له الأمثال (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ) فقولوا ما علّمكموه (وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) فلا تقولوا من عند أنفسكم شيئا في شيء فضلا عن ضرب المثل فيه تعالى (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) للشّركاء ولنفسه أو للكافر والمؤمن (عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْناهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرًّا وَجَهْراً) والمراد بالرّزق الحسن هو العلم والحكمة والعيان والتّصرّف في الملك والملكوت ، وإنفاق السّرّ هو ما يصل الى الملك ببركته ومن طريق السّرّ ، وإنفاق الجهر هو ما يعلمه ويلقّنه غيره بحسب الظّاهر ، وحاصل المرام وغاية المقصود من الآيات السّابقة واللّاحقة هو تمثيل حال علىّ (ع) فانّ النّعمة الحقيقيّة هو علىّ (ع) وولايته والباطل الحقيقىّ هو اعداؤه وأصل من رزقه الله تعالى رزقا حسنا هو علىّ (ع) وغيره كائنا من كان مرتزق بتوسّطه والمملوك الّذى لا يقدر على شيء هو أعدائه (هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ) على نعمة عدم التّسوية وحكمة إعطاء كلّ ذي حقّ حقّه وهو تعليم للعباد ان يحمدوا على كلّ النّعم (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) حال المملوك العاجز والقادر المنفق ولذلك يسوّون بينهما أو لا يعلمون عدم جواز التّسوية بينهما أو لا يرتقون الى مقام العلم عن مقام الجهل ولذلك يسوّون بينهما ويختارون العاجز على القادر (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) للشّركاء ولنفسه أو للكافر والمؤمن أو لعلىّ (ع) ولاعدائه ومخالفيه (رَجُلَيْنِ أَحَدُهُما أَبْكَمُ) ولد أخرس لا ينطق ولا يفهم نطق غيره (لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ) من النّطق وسائر الأفعال كمن كان جميع حواسّه وجميع قواه المحرّكة معطّلة (وَهُوَ كَلٌ) ثقل (عَلى مَوْلاهُ أَيْنَما يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ) يعنى من كان متّصفا بالعدل في جميع أحواله وأقواله وأفعاله ويعرف العدل في جميع موارده ويأمر غيره