نزوله انّه (ص) كان عنده أوقية من الّذهب فكره ان تبيت عنده فتصدّق بها فأصبح وليس عنده شيء وجاء من يسأله ولم يكن عنده ما يعطيه فلامه السّائل فأدّبه الله تعالى أو محسورا من اللّباس كما ورد انّه لم يكن عنده شيء فأعطى السّائل قميصه (إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) فلا تقدر أنت على بسط الرّزق على نفسك بالإمساك ولا على غيرك بإعطاء جميع ما عندك فهو تعليل للنّهى عن القبض والبسط (إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً) فيعلم أحوالهم الباطنة ويبصر أحوالهم الظّاهرة فيعلم مصالحهم ويعطى ما يصلحهم ويمنع ما يفسدهم (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ) صرف الخطاب عنه (ص) الى القوم لأنّهم المقصودون بالخطاب اصالة (خَشْيَةَ إِمْلاقٍ) إفلاس من املق إذا افتقر كانوا يقتلون أولادهم بوأد البنات خوف الفقر (نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً) بالغة في القبح (وَساءَ سَبِيلاً) لانّه سبيل الى النّار وقد عدّ الزّنا من أكبر الكبائر وعن النّبىّ (ص) في وصيّته لعلىّ (ع): يا علىّ في الزّنا ستّ خصال ثلات منها في الدّنيا وثلاث في الآخرة : فامّا الّتى في الدّنيا فيذهب بالبهاء ويعجّل الفناء ويقطع الرّزق ، وامّا الّتى في الآخرة فسوء الحساب وسخط الرّحمن والخلود في النّار (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِ) بأسبابه المقرّرة في الشّرع من الارتداد بعد الايمان وتكرار بعض المعاصي الّتى لها حدّ بعد مراتب الحدّ وقتل النّفس والزّنا بعد الإحصان واللّواط ، ولمّا كان الحقّ هو الولاية كما مرّ مرارا ، والولاية ظهور الحقّ الاوّل تعالى شأنه فالمعنى على هذا ولا تقتلوا النّفس الّا بفاعليّة الحقّ لا بفاعليّة أنفسكم كما قال المولوىّ قدسسره :
آنكه از حق يابد أو وحي وخطاب |
|
هر چه فرمايد بود عين صواب |
آنكه جان بخشد اگر بكشد رواست |
|
نايب است ودست أو دست خداست |
فما لم يخرج الإنسان من حكم نفسه ولم يدخل في حكم الله أو حكم من دخل في حكم الله لا يجوز له قتل النّفس أو الحكم بالقتل كائنا من كان القاتل وكائنا من كان المقتول كما قال المولوىّ قدسسره من لسان علىّ(ع):
من چو تيغم وان زننده آفتاب |
|
ما رميت إذ رميت در حراب |
رخت خود را من زره برداشتم |
|
غير حق را من عدم انگاشتم |
ز اجتهاد واز تحرّى رسته ام |
|
آستين بر دامن حق بسته ام |
(وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً) غير مستحقّ للقتل (فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ) لمن يلي امره ممّن هو اولى بميراثه وهم جميع الورثة (سُلْطاناً) تسلّطا على القاتل بالقصاص أو الرّجوع الى الدّية وإذا جعلنا لولىّ المقتول سلطانا على القاتل (فَلا يُسْرِفْ) مريد قتل النّفس (فِي الْقَتْلِ) بان يقتل من غير استحقاق فانّه إسراف لانّه حرّك أعضائه وقتل من غير امر من الله ، وقرئ فلا تسرفوا خطابا لمريدى القتل ، أو المعنى فلا يسرف الولىّ في القتل بان يقتل أكثر من واحد بواحد أو يمثل المقتصّ منه ، أو الآية كما ورد نزلت في قتل الحسين (ع) والمعنى فلا يكن إسراف في القتل ولو قتل جميع أهل الأرض بالحسين (ع) كما فسّرت في الاخبار به (إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً) انّ المقتول أو الولىّ كان منصورا بتسليط الله وليّه ونصرة الحكّام وليّه والمعنى على التّفسيرين الاوّل والثّالث ظاهر ، وعلى الثّانى يكون تعليلا للنّهى اى نهينا عن الإسراف لانّ ولىّ المقتول كان منصورا وقادرا على الإسراف (وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ)