فضلا عن التّصرّف فيه (إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) الّا بالخصلة والصّفة الّتى هي أحسن خصال قرب المال وهي جمعه وحفظه له وانماؤه ان كان ممكنا (حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) قد مضى بيان الاشدّ وانّه وقت استحكام جميع القوى والأعضاء (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ) عموما وبعهد الإسلام المأخوذ عليكم في البيعة العامّة النّبويّة خصوصا ، حتّى يؤدّى بكم الوفاء بالعهود عموما الى الوفاء بعهد الإسلام ، ويؤدّى بكم الوفاء بعهد الإسلام الى عهد الايمان الّذى يؤخذ بالبيعة الخاصّة الولويّة والوفاء به (إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً) يعنى بعد تجسّم الأعمال يسأل عن العهد أوفوا بك أم لا؟ أو مسئولا عن حاله فيسألون عن حال عهودهم اوفيتم بها أم لا؟ (وَأَوْفُوا الْكَيْلَ) الوفاء والإيفاء بمعنى لكن في الإيفاء مبالغة (إِذا كِلْتُمْ وَزِنُوا) الموزونات (بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ) فسّر القسطاس في الخبر بالميزان الّذى له كفّتان ولسان (ذلِكَ خَيْرٌ) في الدّنيا بحسن الصّيت والخروج من رذيلة السّرقة والخديعة (وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) غاية أو ارجاعا أو مرجوعيّة الى الغايات لانّ غايته في الدّنيا جلب البركة وفي الآخرة سهولة المحاسبة وحسن المثوبة (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) لا تتّبع مدركا لم يتعلّق علم منك به سواء كان الاتّباع بالإتيان به بالجوارح كالاتيان بالافعال الّتى لم تعلم صحّتها منك أو بالاصغاء كالاصغاء الى ما تعلم صحّة الإصغاء اليه منك ، أو الأبصار كطموح النّظر الى ما لم تعلم صحّة النّظر منك اليه ، أو الأقوال كجريان ما لم تعلم صحّة جريانه على لسانك ومنه الإفتاء بما لم تعلمه أو لم تعلم صحّة الإفتاء منك به ، وبهذه الآية وأمثالها تمسّك من منع من الإفتاء بالظّنّ والرّأى والقياس والاستحسان ومن منع من تقليد من لم يأذن الله بلا واسطة أو بواسطة في إمامته وقال : لا بدّ للمفتي من العلم القطعىّ بصحّة افتائه كالائمّة (ع) ومن أجازوه للافتاء وللمقلّد من العلم القطعىّ بصحّة تقليد من يقلّده امّا بنصّ واجازة صحيحة صريحة في إمامته أو ببصيرة باطنة بحاله ، وامّا الّذين يستبدّون بآرائهم في الأحكام من غير وحي والهام ومن غير اجازة ولو بوسائط من صاحب الوحي والإلهام واتباعهم الّذين يقلّدونهم ويتّبعونهم من غير علم بكونهم صاحبي الوحي والإلهام أو صاحبي الاجازة الصّحيحة فهم مقتفون ما ليس لهم به علم ، وقيل : انّ المراد بالعلم هاهنا اعمّ من الظّنّ فيشمل الظّنّ بالاحكام من القياس والاستحسان العقلىّ والرّأى من اىّ وجه كان ولو كان كذلك لكان التّعبير بالظّنّ اولى ، لانّ النّهى عن اتّباع ما ليس به ظنّ يستلزم بمفهوم مخالفته الأمر باتّباع المظنون والمعلوم يقينا بخلاف النّهى عن اتّباع غير المعلوم ، ولمّا كان الأفعال والأقوال غير خالية من سببيّة واحد من السّمع والبصر والفؤاد لها أو أكثر قال في مقام تعليل النّهى (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ) المذكورين على استعمال أولئك في العقلاء أو كلّ أولئك الثّلاثة على استعماله في مطلق الجمع مذكّرا كان أو مؤنّثا عاقلا أو غير عاقل (كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً) اى يسأل عنه ما فعل صاحبك بك؟ أو ما فعلت لصاحبك؟ ما سمعت وما أبصرت؟ وما تعقّلت وما تخيّلت؟ ونسب الى النّبىّ (ص) انّه قال : ابو بكر سمعي ، وعمر بصرى ، وعثمان فؤادي فقيل له في ذلك ، فقرأ الآية ، وورد عن الصّادق (ع) انّه قال : من نام بعد فراغه من أداء الفرائض والسّنن والواجبات من الحقوق فذلك نوم محمود وانّى لا اعلم لأهل زماننا هذا إذا أتوا بهذه الخصال أسلم من النّوم لانّ الخلق تركوا مراعاة دينهم ومراقبة أحوالهم وأخذوا شمال الطّريق والعبد ان اجتهد ان لا يتكلّم كيف يمكنه ان لا يسمع الّا ما له مانع من ذلك وهو النّوم ، وانّ النّوم أخذ تلك الآلات قال الله تعالى (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ) (الآية) (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً) المرح الاختيال الحاصل من شدّة الفرح ولذلك