قال : وظننت أنّه إنّما دريء عن القميص الخرق بسبب الشّعر الّذي كان فيه.
قال : وجلس المعتصم على كرسيّ ثمّ قال : العقابين والسّياط.
فجيء بالعقابين ، فمدّت يداي ، فقال بعض من حضر خلفي : خذ أي الخشبتين بيديك وشدّ عليهما. فلم أفهم ما قال ، فتخلّعت يداي (١).
وقال محمد بن إبراهيم البوشنجيّ : ذكروا أنّ المعتصم لان في أمر أحمد لما علّق في العقابين ، ورأى ثبوته وتصميمه وصلابته في أمره ، حتّى أغراه ابن أبي دؤاد وقال له : إن تركته قيل إنّك تركت مذهب المأمون وسخطت قوله.
فهاجه ذلك على ضربه.
قال صالح : قال أبي : لمّا جيء بالسّياط نظر إليها المعتصم وقال : ائتوني بغيرها.
ثمّ قال للجلّادين : تقدّموا.
فجعل يتقدّم إليّ الرجل منهم فيضربني سوطين ، فيقول له : شدّ ، قطع الله يدك.
ثمّ يتنحّى ، فيقدم الآخر فيضربني سوطين وهو يقول في كلّ ذلك : شدّ ، قطع الله يدك.
فلمّا ضربت تسع عشر سوطا قام إليّ ، يعني المعتصم ، وقال : يا أحمد ، علام تقتل نفسك؟ إنّي والله عليك لشفيق.
قال : فجعل عجيف (٢) ينخسني بقائمة سيفه وقال : أتريد أن تغلب هؤلاء كلّهم.
وجعل بعضهم يقول : ويلك ، الخليفة على رأسك قائم.
وقال بعضهم : يا أمير المؤمنين دمه في عنقي (٣) ، اقتله.
__________________
(١) حلية الأولياء ٩ / ٢٠٢.
(٢) في الحلية ٩ / ٢٠٢ : «وجعل يعجب وينخسني».
(٣) الحلية ٩ / ٢٠٢.