كتابه : أحسن الله عاقبتك ، الّذي كنّا نسمع عليه من أدركنا أنّهم كانوا يكرهون الكلام والجلوس مع أهل الزّيغ ، وإنّما الأمر في التّسليم والانتهاء إلى ما في كتاب الله ، لا تعد ذلك. ولم يزل النّاس يكرهون كلّ محدث ، من وضع كتاب ، وجلوس مع مبتدع ، ليورد عليه بعض ما يلبس عليه في دينه.
وقال المرّوذيّ : بلغني أنّ أبا عبد الله أنكر على وليد الكرابيسيّ مناظرته لأهل البدع.
وقال المرّوذيّ : قلت لأبي عبد الله : قد جاءوا بكلام فلان ليعرض عليك.
وأعطيته الرقعة ، فكان فيها : والإيمان يزيد وينقص فهو مخلوق ، وإنّما قلت إنّه مخلوق على الحركة والفعل لا على القول ، فمن قال : الإيمان مخلوق ، وأراد القول ، فهو كافر.
فلمّا قرأها أحمد وانتهى إلى قوله : الحركة والفعل ، غضب ، فرمى بها وقال : هذا مثل قول الكرابيسيّ ، وإنّما أراد الحركات مخلوقة ، إذا قال الإيمان مخلوق ، وأيّ شيء بقي؟ ليس يفلح أصحاب الكلام.
قلت : إنّما حطّ عليه أحمد بن حنبل لكونه خاض وأفتى وقسّم ، وفي هذا عبرة وزاجر ، والله أعلم. فقد زجر الإمام أحمد كما ترى في قصّة الرقعة الّتي في الإيمان ، وهي والله بحث صحيح ، وتقسيم مليح. وبعد هذا فقد ذمّ من أطلق الخلق على الإيمان ، باعتبار قول العبد لا باعتبار مقوله ، لأنّ ذلك نوع من الكلام ، وهو كان يذمّ الكلام وأهله ، وإن أصابوا ، ونهى عن تدقيق النّظر في أسماء الله وصفاته ، مع أنّ محمد بن نصر المروزيّ قد سمع إسحاق بن راهويه يقول : خلق الله الإيمان والكفر ، والخير والشّرّ.
فصل في زوجاته وأولاده
قال زهير بن صالح بن أحمد : تزوّج جدّي بأمّ أبي عبّاسة بنت الفضل من العرب من الرّبض ، لم يولد له منها غير أبي. ثمّ ماتت.
قال المرّوذيّ : سمعت أبا عبد الله يقول : أقامت معي أمّ صالح ثلاثين سنة ، فما اختلفت أنا وهي في كلمة.