وقال عزوجل : (الرَّحْمنُ ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ ، خَلَقَ الْإِنْسانَ ، عَلَّمَهُ الْبَيانَ) (١) فأخبر أنّ القرآن من علمه.
وقال تعالى : (وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ، قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الْهُدى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) (٢).
وقال : (وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ ما تَبِعُوا قِبْلَتَكَ ، وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ ، وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ) (٣).
وقال تعالى : (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ) (٤). فالقرآن من علم الله. وفي هذه الآيات دليل على أنّ الّذي جاءه هو القرآن ، لقوله : (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) (٥).
وقد روي عن غير واحد ممّن مضى من سلفنا أنّهم كانوا يقولون : القرآن كلام الله غير مخلوق. وهو الّذي أذهب إليه. لست بصاحب كلام ، ولا أرى الكلام في شيء من هذا ، إلّا ما كان في كتاب الله ، أو في حديث عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، أو عن أصحابه ، أو عن التّابعين. فأمّا غير ذلك فإنّ الكلام فيه غير محمود (٦).
قلت : رواة هذه الرسالة عن أحمد أئمّة أثبات ، أشهد بالله أنّه أملاها على ولده. وأمّا غيرها من الرسائل المنسوبة إليه كرسالة الإصطخريّ (٧) ففيها نظر. والله أعلم.
__________________
(١) أول سورة الرحمن.
(٢) سورة البقرة ، الآية ١٢٠.
(٣) سورة البقرة ، الآية ١٤٥.
(٤) سورة الرعد ، الآية ٣٧.
(٥) سورة البقرة ، الآية ١٤٥.
(٦) إلى هنا عن : حلية الأولياء ٩ / ٢١٩ ، والخبر في : مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ٩ / ٢١٦ ـ ٢١٩ ، وسير أعلام النبلاء ١١ / ٢٨١ ـ ٢٨٦.
(٧) هو : أحمد بن جعفر بن يعقوب الفارسيّ ، ورسالته في : طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى ١ / ٢٤ ـ ٣٦.