كان محلّا لهما ساغ بإذن الشارع أن يشتقّ له منهما اسم فاعل فيقال قادر وعالم مجازا كما يقال : التراب منبت للبقل.
فإن قيل : استعماله في المخلوق من غير قرينة دليل على أنه حقيقة. قلنا : العقل من أقوى القرائن على المجاز ، ولا يشترط في كل مجاز أن تكون قرينته لفظية بإجماع أهل اللغة لأنهم يقولون : سال الوادي ، وجرى الميزاب ، ومات زيد ، ومرض عمرو ونحو ذلك ممّا لا يحصى.
[ثم نقول : هل تقول إن اسم قادر في الخالق والمخلوق على سواء أو لا؟
فإن كان الأول لزم الكفر لأن الله تعالى قادر لا باعتبار غيره والمخلوق قادر باعتبار غيره] (١).
وإن كان الثاني فهو الذي نقول وكذلك عالم ، «وبذلك» الذي ذكرنا من الإحكام البالغ والترتيب الباهر «يعرف بطلان دعوى العليّة» كالفلاسفة والباطنية وغيرهم «والطبائعية» وهم كل من أثبت للطبع تأثيرا كالمطرفية وغيرهم «والمنجّمة» وهم من أثبت التأثير للأفلاك السبعة «إذ لا حياة للعلّة والطبع لو تعقّلا ولا للنجوم فضلا عن القدرة والعلم» أي لا قدرة لها ولا علم بالأولوية والقدرة والعلم إنما يكونان تابعين للحياة.
وأيضا : لو فرضنا تأثيرها مع استحالته لكان تأثير اضطرار.
ووجود الحكمة في العالم وصنوفه ينافيه كما مرت الإشارة إلى طرف من ذلك.
فإن قيل : كيف تزعمون أن النطفة تصير بشرا بالصانع القادر ونحن نرى أن (٢) الولد لا يحصل إلّا بعد اجتماع الذكر والأنثى وحصول النطفة في قرار الرحم ، فإن كان الله تعالى خلقه فلم لم يخلقه من غير هذا السبب لتكون الدّلالة أقوى؟
__________________
(١) نقص في نسخة المؤلف من قوله ثم نقول إلى هنا.
(٢) (أ) ناقص أنّ.