قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ، الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) .. الآية (١). فبيّن تعالى حقيقة المؤمن بطريق الحصر (بإنما) وهو : من أتى بهذه الخلال المذكورة مع اجتنابه لكبائر العصيان لأنّ الكبائر محبطة للإيمان كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
«قالا» أي الشيرازي وابن الحاجب : «قال الله تعالى : (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً) (٢) وحق العطف المغايرة» وقد عطف العمل الصالح على الإيمان فعرف أن بينهما تغايرا لأنه لا يعطف الشيء على نفسه.
«قلنا : هو في هذه الآية حقيقة لغوية» لم ينقل عن معناه الأصلي «واستعمال الناقل القول المنقول في معناه الأول لا يدل على عدم نقله ذلك القول لمعنى آخر كناقل لفظ : طلحة اسما لرجل» من معناه الأصلي وهو الشجرة فإنه يصح أن يطلق لفظ طلحة على الشجرة وذلك واضح «فبطلت دعوى نفيها» أي الحقيقة الدينية «لعدم ما يدل عليه» أي على نفيها «وثبتت» أي الحقيقة الدينية «بما مر» من الأدلّة عليها.
«والمجاز لغة» أي في لغة العرب : «العبور» أي السير «والطريق» قال في الصحاح : جزت الموضع أجوزه جوزا سلكته وسرت فيه ، وأجزته خلفته وقطعته.
«و» المجاز «اصطلاحا» أي في اصطلاح أهل علم العربية : «اللفظ المستعمل» خرج المهمل والمستعمل عند ابتداء وضعه قبل الاستعمال ، وقوله : «في غير ما وضع له» تخرج الحقيقة وقوله «في اصطلاح به التخاطب» يدخل المجاز المستعمل فيما وضع له في اصطلاح آخر كلفظ الصلاة إذا استعمله المخاطب بعرف الشرع في الدعاء مجازا فإنه وإن كان مستعملا فيما وضع له في الجملة فليس مستعملا فيما وضع له في الاصطلاح الذي به وقع التخاطب أعني الشرع فيكون داخلا في حقيقة المجاز ، وإن استعمله المخاطب بعرف
__________________
(١) الأنفال (٢ ، ٣ ، ٤).
(٢) التغابن (٩).