(فصل)
«والله سبحانه متفضّل بإيجاد الخلق مع إظهار الحكمة» أي إظهار كون الله حكيما وكون فعله حكمة لا يفعل تعالى العبث وما لا حكمة فيه ، والتّفضّل والإحسان من الله سبحانه على الخلق في إيجادهم وكونهما داعيين إلى فعل الإحسان والجود مقرّر في بداية العقول في حق من يجوز عليه الانتفاع فكيف حال من لا يجوز عليه الانتفاع ، فيكون الإحسان من جهته أكمل ، ووقوعه في هذه الحالة أبلغ. هكذا ذكره الإمام يحيى عليهالسلام.
قالت : «العدليّة : خلق الله المكلّف ليعرّضه على الخير» أي ليجعله متمكّنا من نيل الخير وهو الفوز بجزيل الثواب والتنعّم بسوابغ النعم الدائمة في الدرجات الرفيعة والمنازل العظيمة وهذا من النفع الذي لا نفع أعظم منه ولا منزلة أعلى منها.
وقالت «المجبرة» بل خلقه «للجنّة أو النّار» أي ليدخل بعضهم الجنة وبعضهم النار.
وقيل : لإظهار قدرته تعالى وهو مروي عن قاضي القضاة.
وقيل : لا لغرض وهو مروي عن برغوث والرازي.
«لنا : قوله تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (١) أي : ليعبدوني ويطيعوني «وإلزامه تعالى لهم عبادته عرض على الخير» أي على إيصال الخير إليهم «الّذي هو الفوز بالجنة والسّلامة من النار» فإذا كان كذلك وكانت أعمال التكليف اليسيرة المنقطعة سببا إلى الفوز بالنعيم الدائم الكثير الذي لا يحصى له عدد ولا ينتهي إلى (٢) أمد تفضّلا منه جل وعلا على الفعل اليسير بالشيء العظيم والنعيم الدائم الجسيم فأيّ تفضّل يساوي هذا أو يقرب منه أو يدانيه؟
«إذ لا يكون ذلك لأحد من المكلفين إلّا لمن عبده» أي أطاعه «لما يأتي إن شاء الله تعالى» في فصل الإثابة.
__________________
(١) الذاريات (٥٦).
(٢) (ض) له.