فكان المتبع لهم هو المتبع لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حقيقة لا غيره.
«وبعد» أي بعد ما تقدم ذكره من الحمد لله والثناء عليه والصلاة على نبيئه محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأتباعهم.
«فإنه لمّا كان علم الكلام» : أي علم أصول الدين ، وسمّي هذا العلم كلاما لما سيأتي إن شاء الله تعالى : «هو أجل العلوم قدرا» : أي تعظيما إذ يطلق القدر على التعظيم قال الله تعالى : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) (١) أي ما عظموه حق تعظيمه «وأعظمها حظّا» : أي كونه عند الله وعند أوليائه أعظم محظوظ أي مرغوب إليه. «وأكبرها» : أي أكبر العلوم بالباء الموحدة ، «خطرا» : أي عظما ، يقال : شيء خطير أي عظيم ، ويحتمل أن يراد بالخطر الإشراف على الهلاك لأنه من جهل هذا العلم هلك والله أعلم «وأعمّها(٢) وجوبا» من حيث أنه يجب على كل مكلف «وأولاها إيثارا» : أي أحقها بالإيثار وهو التقدم (٣) «وأولها صدرا» : بالصاد والدال المهملتين أي تقدّما من حيث أن العلوم الإسلامية مترتبة على معرفة من شرع شرائع الإسلام وهو الله سبحانه وتعالى وبالسين المهملة والطاء أي مكتوبا ، لأن أول ما فرض الله على عباده معرفته تعالى ، ويؤكد ذلك قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم للأعرابي حين سأله فقال يا رسول الله : علّمني من غرائب العلم ، فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم : «وما ذا صنعت ـ في رأس العلم ـ حتى تسألني عن غرائبه؟» فقال الرجل : وما رأس العلم يا رسول الله فقال: «أن تعرف الله حق معرفته بلا ندّ ولا شبيه ولا مثل واحدا ظاهرا باطنا أوّلا آخرا لا كفؤ له ولا نظير له فذلك معرفة (٤) الله حق معرفته».
«لكونه لبيان معرفة المليك» : أي المالك لجميع ما ذرأ وبرأ وما كان وما سيكون في الدنيا والآخرة «البديع» : أي المبتدع للأشياء من غير أصول أزليّة ،
__________________
(١) الزمر (٦٧).
(٢) في نسخة وأهمّهما.
(٣) (ب) التقديم.
(٤) (أ) ناقص معرفة الله.