لفعله مراد سيده (ظلما إذا كان) قد (أمره) السيد (بذلك المراد ففعله فعاقبه) على فعله ، (أما إذا كان إنما أمره) السيد (بشيء ففعل) هو (غير ما أمر به فلا) يكون تعذيبه على ذلك ظلما (فإن على العبد امتثال أمر سيده من غير التفات إلى أنه) أي : ما أمره به السيد (مراده) أي : مراد السيد (أو لا) أي : أو ليس مراده (مع أن الإرادة غيب) أي : أمر غائب (عنه) أي : عن العبد (لا يصل إلى معرفة أنها متعلقة بالمأمور) به (أو بغيره ،) وإذا بطل تعلق العقاب بمخالفة الإرادة (فلم يبق منه) أي : لم يبق أمر صادر من العبد يصلح لترتب العقاب عليه (إلا المخالفة لأمره ، فيحسن عقابه لمخالفته الأمر ، فعاد الظلم إلى عقابه) أي : العبد (على فعل ما أمره به) السيد (لا ما أراده) السيد (و) عاد (الحسن إلى عقابه) أي : العبد (على مخالفة أمره) أي : السيد.
(فإن قيل : إذا كان لا يقع) في الوجود (إلا مراده) تعالى ، كما ذهبتم إليه ، وقد أمر العبد بما لم يرد وقوعه (فقد كلفه بما لا يقدر على فعله ، وتكليفه بذلك) أي : بما لا يقدر على فعله (ثم عقابه على عدم فعله في التحقيق ليس إلا إرادة تعذيبه ابتداء بلا مخالفة ، وهذا أيضا) أي : تكليفه بما لا يقدر على فعله ثم عاقبه لكونه لم يفعله أمر (في نظر العقل) أي : بالنسبة إلى ما دل عليه العقل بطريق النظر (غير لائق) لأنه ظلم قبيح (فيجب تنزيه) الله (الغني عن العالمين) أي : عن وجودهم وطاعتهم (عنه) متعلق ب «تنزيه» أي : تنزيه الله تعالى عن هذا الذي ليس بلائق (على الوجه الذي ذكرناه آنفا) من أن وجوب التنزيه عنه لكونه صفة نقص ، فقبحه بالمعنى المتفق عليه ، لا بالمعنى المتنازع فيه بيننا وبينكم.
(قلنا : قد جوز الأشاعرة) عقلا (تكليف ما لا يطاق ،) فلا يرد ما ذكرتموه على أصلهم ، (وعلى القول بأنه) أي : التكليف بما لا يطاق وإن جاز عقلا فهو (غير واقع ، وهو الراجح) من القولين لهم ، (فالتحقيق أن عقابه) أي : العبد (إنما هو على مخالفته) حال كونه (مختارا غير مجبور) على المخالفة ، (فإن تعلق الإرادة بمعصيته لم يوجبها منه ، ولم يسلب اختياره فيها ، ولم يجبره على فعلها ، بل لا أثر للإرادة في ذلك) ولا في شيء منه ، (فكما أنه تعالى كلّف من علم منه عدم الامتثال فوقع منه ما علمه) من عدم الامتثال (كسائر الكفرة فلم يبطل ذلك) الوقوع الذي تعلق به العلم (معنى التكليف) الذي هو الطلب (ولم نظلّمه) بصيغة التفعيل وأوله نون ، أي : لم ننسب إليه تعالى ظلما بذلك (باتفاق منا ومنكم و) من (سائر المسلمين ؛ لعدم تأثير العلم في إيجاد ذلك الكفر المعلوم) وقوعه ، (وفي سلب