الفرع) الفقهي (عن أبي حنيفة) معتبرا في علة حكمه دخول الطلب في مفهوم الإرادة إذ المحبوب مطلوب الوجود (وللغلبة) أي : لغلبة تغلب الإرادة بالمحبوب (ظن اللزوم) بين الإرادة والمحبة ، (وهو) أي : ظن اللزوم بينهما للغلبة المذكورة (بعيد عن التأمل ،) إذ بالتأمل يفرق بين اللزوم والغلبة الاتفاقية ، فلا يشتبه أحدهما بالآخر ، (فكثيرا ما يجد الإنسان منه) أي : من نفسه (إرادة ما يكره وجوده لأمر ما) من الأمور المقتضية لإرادة ذلك المكروه ، (ولو فرض أن ذلك) أي : إرادة الإنسان ما يكره وجوده (لمصلحة أحبها كإرادة الكي تداويا) لمحبة حصول الصحة التي هي مصلحة تترتب على الكي (لم يخرجه) جواب «لو» ، أي : ولو فرض أن إرادة المكروه لمصلحة تترتب عليه لما أخرجه ذلك (عن كونه مكروها في نفسه ؛) لأن الكي عبارة عن إمساس النار البدن وهو أمر مكروه (فإنه) أي : فإن كونه مكروها هو (الثابت في الواقع بالفرض ،) إذ الفرض كونه في نفس الأمر مكروها (فلا يكون غير ما في الواقع) برفع «غير» اسم كان ، وذلك الغير كونه (محبوبا) أي : فلا يكون كونه محبوبا (ثابتا فيه) أي : في الواقع ، فلا يجتمعان ، (وكذا) أي : وكثيرا ما يجد الإنسان من نفسه أيضا أنه (لا يريد وجود ما) أي : أمر (يحبه ، وهو) أي : عدم إرادة وجوده (وإن كان لضرر) أي : لأجل ضرر (يلزم وجوده لا يخرجه) عدم إرادة وجوده لذلك الضرر (عن كونه محبوبا) في نفسه ، (لفرض) أي : لأجل فرض (أنه ما زال محبوبا) ، فكونه محبوبا هو الثابت في الواقع بسبب فرضه كذلك ، فلا يكون غير ما في الواقع ، أعني كونه مكروها ثابتا في الواقع ، (فإنما تستلزم الإرادة الإذن والإطلاق في وجود ما يكرهه) المريد ، و «الإطلاق» عطف تفسيري ل «الإذن» ، إذ المراد بالإذن معنى الإطلاق ، وهو عدم المنع من تعلق الاختيار بوجود ذلك المكروه. (وإنما أطلق سبحانه وجود ما يكرهه في ملكه) تعالى (وهو) أي : والحال أنه (الملك القهّار وحده لا شريك له ليتم وجه التكليف بلازميه) أي : بلازمي التكليف (وهما الثواب بالفعل) أي : بسبب الفعل المطلوب (والعقاب للترك ،) أي : لأجل الكف عن الإتيان بالمطلوب (ولو كان في مفهوم صفة الإرادة طلب كانت هي صفة الكلام ؛ لكن الإرادة صفة مغايرة للكلام ، والقدرة والعلم شأنها ما ذكرنا) من تخصيص وجود المقدور دون غيره بخصوص وقت وجوده دون ما قبله وما بعده من الأوقات.
(وقول من قال : الإرادة والمشيئة صفة تنافي العجز والسهو وتقتضي الوجود ، قد يتوهم أنه) أي : القول المذكور (بسبب ذكر الاقتضاء) فيه بقوله :