الحسن (الأشعري مع) أبي علي (الجبائي (١)) رأس المعتزلة في أواخر الثلاثمائة فما بعدها (وكان الأشعري تلميذه وعلى مذهبه فتاب وصار إماما في السنة ، قال) أي : الأشعريّ (له :) أي للجبائي (لو أن صبيا مات فرأى منزلة رفيعة) في الجنة (لبالغ مسلم فقال : يا رب لم لم تدم حياتي حتى أبلغ فأجتهد) في الطاعة (فأنال) منزلة رفيعة (مثله؟ قال :) أي : الجبائي (يقول الله تعالى له :) أي : للصبي (علمت أنك لو بلغت عصيت فكان الأصلح لك الموت في) سن (الصبا ، قال :) أي : الأشعري للجبائي (فينادي) حينئذ (الكفار من دركات لظى : يا إلهنا لمّا علمت أنّا إذا بلغنا عصينا فهلا أمتّنا في الصبا؟) فإنا راضون بما دون منزلة الصبي (فانقطع الجبائي ، وتاب الإمام الأشعري) عن الاعتزال ورجع إلى ما كان عليه السلف ، وأخذ في نقض قواعد المعتزلة (٢).
قال المصنف : (و) قد (استغنينا بهذا) أي : بما سقناه في الأصل الرابع من عدم وجوب رعاية الأصلح (عما ذكره) حجة الإسلام (في الأصل السابع) لأنه عقد الأصل الرابع لعدم وجوب ابتداء الخلق والتكليف ، والأصل السابع لعدم وجوب رعاية الأصلح ، وقد رأى المصنف أن الأنسب إيرادهما معا في الأصل الرابع.
واعلم أن المشهور أن مناظرة الأشعري والجبائي في ثلاثة إخوة أحدهم مطيع مات على الطاعة والآخر عاص مات على المعصية والثالث مات صغيرا ، كما هو مذكور في «المواقف» (٣) وأول «شرح العقائد» (٤) ، ولما رأى المصنف أن ما في عقيدة حجة الإسلام ينطبق مقصوده على ذلك أورده حكاية بالمعنى ، وعبارة حجة الإسلام : «وليت شعري بم يجيب المعتزلي عن مسألة نفرضها عليهم وهو أن نفرض مناظرة في الآخرة بين صبي مات مسلما وبين بالغ مات مسلما أي طائعا ...
__________________
(١) أبو علي الجبائي : محمد بن عبد الوهاب بن سلام الجبائي ، من أئمة المعتزلة ، له مقالات وآراء انفرد بها في المذهب وإليه نسبت فرقة الجبائية. ولد سنة ٢٣٥ ه توفي سنة ٣٠٣ ه ، له تفسير حافل مطوّل. (انظر : الأعلام ، ٦ / ٢٥٦).
(٢) مناظرة الأشعري للجبائي نقلها كثير من مؤرخي الفرق ، منهم الشهرستاني في الملل والنحل ، ١ / ٣٢ ، وابن عساكر في تبيين كذب المفتري ، ١ / ٩١ ، وابن الجوزي في تلبيس إبليس ، ١ / ١١٨.
(٣) انظر : المواقف ، ص ٣٢٩.
(٤) انظر : شرح العقائد ، ص ٧.