لا يؤمن ، ((١) أو من أخبر الله تعالى بأنه لا يؤمن (٢)).
والمراد بقولنا : «يمتنع التكليف بما لا يطاق» التكليف بالنوعين الأولين ، (أما) الفعل (المستحيل) وقوعه (باعتبار سبق العلم الأزلي بعدم وقوعه) من المكلف (لعدم امتثاله) الأمر به حال كونه (مختارا) عدم الامتثال ، (وهو) أي : ذلك الفعل (مما يدخل تحت قدرة العبد عادة فلا خلاف في وقوعه ،) أي : وقوع التكليف به (كتكليف أبي جهل وغيره من الكفرة) كأبي لهب وأبيّ بن خلف (بالإيمان مع العلم بعدم إيمانه والإخبار به) أي : بعدم إيمانه في قوله تعالى : (وَما أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (١٠٣)) (سورة يوسف : ١٠٣) وقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٦)) (سورة البقرة : ٦).
وقوله : (لما تقدم) أي : في الأصل الثالث من الركن الثالث تعليل لوقوعه ، والمعنى أن التكليف فيه واقع لما سبق هناك (من أنه لا أثر للعلم في سلب قدرة المكلف ، ولا) في (جبره على المخالفة).
واعلم أن ما اعترض به المصنف كغيره على الدليل الأول من أن التحميل في الآية بالمعنى الذي ذكره ، وأنه غير التكليف غير معروف في كلام أئمة التفسير ، والمنقول عن الضحاك وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم تفسيره بمعنى التكليف ، وما اعترض به على الدليل الثاني من أنه يستلزم وقوع تكليف المحال ممنوع إنما يستلزم أن لو كان تكليف أبي جهل بخصوص أنه لا يؤمن ، وإنما يكلف به إذا بلغه ذلك الخصوص ، ولم يقصد إبلاغه إياه ، فبلوغه إياه ممنوع ، وأما قبل بلوغه إياه فالواجب هو التصديق الإجمالي ، ولا استحالة فيه ، فلم يلزم وقوع التكليف بالمحال (٣).
(ومن فروعه) أي : من فروع الأصل المذكور (أيضا) وهو أنه : هل للفعل في نفسه صفة الحسن والقبح؟ (وهو) أي : هذا الفرع (مضمون الأصل السادس) من الركن الثالث من تراجم عقائد حجة الإسلام (٤) (أن لله تعالى إيلام الخلق
__________________
(١ ـ ٢) ليست في (م).
(٣) التكليف بالمحال غير التكليف بما لا يطاق ، فالتكليف بما لا يطاق هو تكليف ممكن عقلا ، غير وارد شرعا كالتكليف مثلا : بقطع البحر سباحة ، أما التكليف بالمحال فهو ممتنع عقلا وشرعا كالتكليف بعبادة الشريك الذي يعتبر في حكم العقل والشرع محالا.
(٤) انظر : إحياء علوم الدين ، ١ / ١٦٥.