مولاه فصبر على الملاذ المحرمة عليه (على من لم يكن أحسّ ألم مخالفة النفس في رضا الرب) سبحانه ، بأن لم تمل نفسه إلى شيء منها ، (وعن هذا) الأصل (ذهبنا) معشر الأشعرية والحنفية (إلى أن الأنبياء) جمع تقي بالتاء والقاف (من بني آدم ؛ كالرسل وغيرهم أفضل من الملائكة ؛ خواصّهم) أي : خواص البشر (كالأنبياء) رسلا كانوا أو غيرهم (أفضل من خواصّهم) أي : خواص الملائكة كجبريل وميكائيل (وعوامهم) أي : عوام البشر (كالصلحاء أفضل من عوامهم ، وبناته) أي : بنات آدم (أفضل من الحور) العنى ، (بل) قد (روي أنهن) يعني بنات آدم (يتهن عليهن) أي : يفخرن على الحور العين بتحمل المشقة في طاعة الرب سبحانه (فيقلن : صمنا ولم تصمن ... الخبر) بالنصب ، أي : اذكر الخبر الذي ورد فيه ذلك ... الخ. ولم أقف على تخريج له حين هذه الكتابة. وقد ورد ما هو أوضح دلالة على المقصود :
كحديث أبي هريرة عند أبي يعلى والبيهقي ، قال : حدثنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم حديث الصور ، وهو في طائفة من أصحابه فذكر حديث الصور بطوله ، إلى أن قال : «فأقول : يا رب وعدتني الشفاعة فشفعني في أهل الجنة» ... الحديث ، وفيه : «فيدخل رجل منهم على اثنتين وسبعين زوجة مما ينشئ الله في الجنة (١) ، واثنتين من ولد آدم لهما فضل على من أنشأ الله بعبادتهما في الدنيا» الحديث (٢).
وكحديث أم سلمة عند الطبراني في «الأوسط» و «الكبير» وفيه : «قلت : يا رسول الله أنساء الدنيا أفضل أم الحور العين؟ قال : «نساء الدنيا أفضل من الحور العين ، كفضل الظهارة على البطانة» ، قلت : يا رسول الله وبم ذلك؟ قال : «بصلاتهن وصيامهن وعبادتهن لله عزوجل» (٣).
وجملة قوله : (ويكون أيضا) استئناف لبيان نوع آخر من الحكمة ، ولذا غيّر فيه الأسلوب أي : ويكون الإيلام في الدنيا (ابتلاء للغير بالغير) أي : لأحد المتغايرين بالآخر (إن كان) المبتلى به (مكلّفا فيترتب في حقه أحكام ، كظلم إنسان) إنسانا آخر (مثله ، أو) ظلم إنسان (بهيمة ، قال مشايخ الحنفية : خصومة
__________________
(١) سقطت في (م).
(٢) أخرجه المنذري في الترغيب والترهيب ، ٤ / ٢٩٨ ، رقم (٥٧١٤) ، وقال : رواه أبو يعلى والبيهقي.
(٣) أخرجه الطبراني في المعجم الكبير رقم ٨٧٠ ، وفي المعجم الأوسط برقم ٣١٦٥.