البخاري أنهم كانوا يسمعون تسبيح الطعام وهو يؤكل (١) ، وغير ذلك) عطف على قوله : «انشقاق القمر» أي : وكغير ذلك من المعجزات (مما أفرد) لكثرته (بالتصنيف).
ومن أجلّ ما صنف فيه كتاب «دلائل النبوة (٢) للحافظ أبي بكر البيهقي ، وهذا النوع أحد ما عقد له في كتاب «الشفاء» (٣) باب ، وقد تضمن الباب المعقود له ثلاثين فصلا ، وفي كل من الكتب الستة التي هي دواوين الإسلام وغيرها من مطولات كتب الحديث أبواب مفردة لذلك ، والوارد في كل من هذه الخوارق ، وإن كان خبر واحد لا يفيد العلم فالقدر المشترك بينها ، وهو ظهور الخارق على يده متواتر بلا شك.
(وقول السهيلي (٤) في بعض هذه) الخوارق (أنها علامة) للنبوة (لا معجزة) أي : لا تسمى بذلك (بناء على عدم اقترانها بدعوى النبوة ليس بذاك ،) أي : ليس بمقبول (٥) ؛ لأن المقبول لعلو رتبته (٦) يشار إليه بما يشار به إلى البعيد ، (فإنه) صلىاللهعليهوسلم لما ادّعى النبوة انسحب عليه ذلك ، فهو (منسحب عليه دعوى النبوة من حين ابتدائها) أي : الدعوى (إلى أن توفاه الله تعالى ، كأنه في كل ساعة) أي : في كل وقت (يستأنفها) أي : الدعوى ، (فكل ما وقع له) من الخوارق (كان معجزة) لاقترانه بدعوى النبوة حكما ، (وكأنه يقول في كل ساعة :) أي : كل وقت (إني رسول الله) إلى الخلق (و :) كأنه يقول في كل وقت وقع فيه خارق للعادة (هذا دليل صدقي). هذا تمام الكلام في الأمر الثالث.
__________________
(١) أخرجه البخاري عن عبد الله بن مسعود ، «... ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل» كتاب المناقب ، باب علامات النبوة في الإسلام ، رقم ٣٣٨٦.
(٢) دلائل النبوة للبيهقي : كتاب جليل في السيرة والشمائل ، وشاهد يقين على نبوة سيدنا محمد صلىاللهعليهوسلم ، قال فيه تاج الدين السبكي : أما كتاب «دلائل النبوة» وكتاب «شعب الإيمان» وكتاب «مناقب الشافعي» فأقسم ما لواحد منها نظير ، وقال الحافظ ابن كثير : «دلائل النبوة لأبي بكر البيهقي من عيون ما صنف في السيرة والشمائل».
(٣) الشفاء ، للقاضي عياض ، ١ / ٣٤١ ـ ٥٣٣.
(٤) السهيلي : عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد الجثعمي السهيلي ، حافظ ، عالم باللغة والسير ، ضرير ، ولد في مالقة وعمي وعمره ١٧ سنة ، له : نتائج الفكر وغيره ، توفي سنة ٥٨١ ه ، (الأعلام ، ٣ / ٣١٣)
(٥) انظر قول السهيلي في الروض الأنف ، ١٢ / ٢٦٧.
(٦) في (ط) : مرتبته.