منها ، (١) (ودوام فكره) (١) كما وصفه بذلك ابن أبي هالة فيما أورده القاضي أبو الفضل عياض في «الشفاء» بقوله : كان صلىاللهعليهوسلم متواصل الأحزان ، دائم الفكرة ، ليست له راحة ، ومن أراد تعرف شيء مما صدر من آثار هذه الأوصاف الشريفة منه صلىاللهعليهوسلم فعليه بكتاب «الشفاء» وما في معناه من التآليف ، (وتجديد التوبة والإنابة في اليوم سبعين مرة ،) بل أكثر.
ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة (٢) : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة» (٣).
وفي صحيح مسلم عن الأغرّ بن يسار المزني قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب إليه في اليوم مائة مرة» (٤).
وروى أبو داود والترمذي وصححه وابن ماجه عن ابن عمر قال : «كنا نعدّ لرسول الله صلىاللهعليهوسلم في المجلس الواحد مائة مرة : «رب اغفر لي وتب عليّ إنك أنت التواب الرحيم» (٥).
ولما كانت التوبة والاستغفار يقتضيان الذنب وهو صلىاللهعليهوسلم في الرتبة العليا من العصمة بيّن المصنف معنى التوبة والاستغفار في حقه صلىاللهعليهوسلم بما حاصله أنهما ليسا عن ذنب ، وإنما توبته : الرجوع إلى مولاه في ستر ما استقصره من الشكر بالنسبة إلى ما ارتقى إليه من المقامات الأكملية ، فإنه عليه أفضل الصلاة والسلام (كلّما بدا له من جلال الله وكبريائه قدر) كان مرتقيا ذلك من كمال إلى أكمل (فيستقصر بنظره إليه) أي : إلى ما بدا له (ما هو فيه من القيام بشكره) تعالى على تلك الإنعامات العظيمة (وطاعته) فيرجع إلى الاعتصام به تعالى ويطلب الستر لما ظهر له من قصور الشكر.
وقوله : (والفراغ) بالجر عطفا على «الحلم» كالمعطوفات قبله ، فمن أوصافه
__________________
(١) سقط من (م).
(٢) في (ط) : قال.
(٣) أخرجه البخاري في الدعوات ، باب استغفار النبي صلىاللهعليهوسلم في اليوم والليلة ، رقم ٥٩٤٨.
(٤) أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار ، باب استحباب الاستغفار والاستكثار منه ، رقم ٢٧٠٢.
(٥) أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة برقم ١٥١٦ ، والترمذي في كتاب الدعوات برقم ٣٤٣٤ ، وابن ماجه في الأدب برقم ٣٨١٤ ، وعنده بلفظ : «التواب الغفور».