الممكنات ، وصحة القبول من القابل ، والفعل من الفاعل فوجب صحة الوقوع وجوازه قطعا ، وهو المطلوب ، وهؤلاء ينكرون إعادة المعدوم (١).
(والحق أنها) أي : الجواهر التي منها تأليف البدن (تنعدم) كلها (إلا بعضا) منها (منصوصا عليه) في الحديث الصحيح ، وهو : «عجب الذنب» (ثم تعاد بعينها) بعد عدمها.
وإنما قلنا بذلك (لظاهر) قوله صلىاللهعليهوسلم : («كل ابن آدم يفنى إلا عجب الذنب») والحديث في الصحيحين وغيرهما (٢) بطرق وألفاظ منها :
في الصحيحين : «ليس من الإنسان شيء لا يبلى إلّا عظما واحدا وهو عجب الذنب ، منه يركب الخلق يوم القيامة» ، وفي رواية لمسلم وأبي داود والنسائي : «كل ابن آدم يأكله التراب إلّا عجب الذنب ، منه خلق ومنه يركب» ، وفي أخرى لمسلم أيضا : «إن في الإنسان عظما لا تأكله الأرض أبدا ، منه يركب الخلق يوم القيامة» قالوا : أيّ عظم هو يا رسول الله؟ قال : «عجب الذنب» ، وفي رواية لأحمد وابن حبان قيل : وما هو يا رسول الله؟ قال : «مثل حبة خردل ، منه تنسلون» (٣).
وهو بفتح العين المهملة وسكون الجيم ثم موحدة ، محله أسفل الصلب ، عند رأس العصعص ، يشبه في المحل محل أصل الذنب من ذوات الأربع (٤).
(والمسألة عند المحققين ظنية) يعني مسألة أن الإعادة هل هي جمع الجواهر المتفرقة المختلطة أو إيجادها بعد عدمها؟ وممن صرح بذلك منهم حجة الإسلام في كتاب «الاقتصاد في الاعتقاد» قال : فإن قيل : فما تقولون ؛ أتعدم الجواهر والأعراض ثم تعادان جميعا ، أو تعدم الأعراض دون الجواهر وإنما تعاد
__________________
(١) المعدوم : هو الذي لا يوجد على المستوى الخارجي ، وينقسم إلى المنفي أو ممتنع الوجود ؛ كوجود الشريك مع الله ، وإلى الثابت : وهو المعدوم الممكن ، وفي هذا القسم يدخل الكلام في إعادة الله للمعدوم.
(٢) الحديث في الصحيحين ، عند البخاري في كتاب التفسير باب : ونفخ في الصور رقم ٤٥٣٦ ، وعند مسلم في الفتن وأشراط الساعة ، رقم ٢٩٥٥.
(٣) الحديث بهذه الرواية في المسند ٣ / ٢٨ ، وعند ابن حبان برقم ٣١٤٠ ، وفيه دراج أبو السمح وهو ضعيف في روايته عن أبي الهيثم (سليمان بن عمرو بن عبدة العتواري المصري) ، وباقي رجاله ثقات ، ويشهد له ما قبله ، وذكره الهيثمي في المجمع ، ١٠ / ٣٣٢ ، وقال : رواه أحمد وإسناده حسن.
(٤) انظر : لسان العرب ، ٩ / ٥٣ ، مادة عجب.