الأعراض؟ قلنا : كل ذلك ممكن ، ليس في الشرع دليل قاطع على تعيين أحد هذه الممكنات (١). يعني أن الأدلة الواردة ظنية (٢).
قال المصنف : (والحق) أن في المسألة بحسب ما قامت عليه الأدلة وقوع الكيفيتين : (إعادة ما انعدم بعينه ، وتأليف ما تفرق) من الأجزاء ، (لا الحكم بأنّه) أي : الشأن إنما يكون الوجه الذي يقع عليه الإعادة (كذا) أي : إعادة المعدوم (بعينه أو كذا) أي : جمع المتفرق ، أي : إنما يكون على أحد الوجهين على التعيين دون الآخر ، (للحكم باستحالة خلافه) لأن خلافه ممكن.
وإنما قلنا بوقوع الإعادة على الكيفيتين معا (لشمول القدرة) الإلهية (لكل الممكنات) وكلّ من إعادة ما انعدم وتأليف ما تفرق أمر ممكن ، أما إمكان تأليف ما تفرق فظاهر ، كما مر ، وأما إمكان إعادة ما انعدم فأشار إليه بقوله : (والإعادة إحداث كالإبداع الأول) أي : الإيجاد من عدم لم يسبقه وجود ، (وغاية طريان العدم على المبدع أولا تصييره كأنه لم يحدث ، وقد تعلقت القدرة) الإلهية (بإيجاده من عدمه الأصلي فكذا) أي : كتعليقها بإيجاده من عدمه الأصلي تتعلق بإيجاده (من عدمه الطارئ) كما نبه عليه قوله تعالى : (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) (سورة الأعراف : ٢٩) ، وقوله تعالى : (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) (سورة يس : ٧٩).
فالإيجاد الثاني ليس ممتنعا لذاته ، ولا لشيء من لوازم ذاته ، وإلا لم يقع ابتداء وكذلك الوجود الثاني ؛ لأن مقتضى ذات الشيء أو لازمه الذاتي لا يختلف بحسب الأزمنة ، فلا يكون ممتنعا في وقت ممكنا في وقت ، وإذا لم يمتنع لذلك ولا شبهة في انتفاء وجوبه فيكون ممكنا وهو المطلوب ، فمعنى الإعادة أن الموجود ثانيا هو الموجود أولا ، (لا أنّ الموجود ثانيا مثله) أي : مثل الأول ، (بل هو) الموجود أولا وجد (بعد فناء عينه) وجودا ثانيا (وهذا) أي : القول بأن الموجود أولا هو الموجود ثانيا بعينه لا مثله إنما ذهبنا إليه (لأن وجود عينه أولا
__________________
(١) الاقتصاد في الاعتقاد ، ص ٢٣٣.
(٢) أي وصلت بطريق الآحاد ، وخبر الواحد عند العلماء : ما لم يجمع شروط التواتر. (انظر : نزهة النظر ، ص ٢٦) وهناك خلاف في العمل بالخبر الواحد على مستوى العقائد ، وتم الاتفاق على تفسيق المنكر لما ورد بطريق الآحاد إذا ثبت سنده واطمأنت النفوس إليه.