يكون حاصلا في جهة معينة ، فإذا أحدثه الله تعالى فيها عدمت الجواهر بأسرها.
(أو) أن إفناء الجوهر بواسطة إحداث أضداد متعددة (بعدد كل جزء) من أجزاء الجسم ، وهي الجواهر التي تألف منها الجسم ، في كل جوهر فناء ، ثم ذلك الفناء يقتضي عدم الجوهر في الزمان الثاني ، كما ذهب إليه ابن شبيب (١) منهم أيضا.
(أو) أن الإفناء (بنفي) أي : بسبب نفي (شرط هو البقاء الذي يخلقه الله تعالى حالا فحالا في الجوهر ، فإذا لم يخلقه انتفى) الجوهر كما ذهب إليه الأكثرون من أصحابنا ، والكعبي من المعتزلة.
(بل الكل) أي : كل هذه الأقوال (في حيز الجواز ، والحكم بأخذها عينا لا يقوى فيه موجب) أي : دليل يوجب القول به (غير أنا لا نقول بخلق الإفناء) أي : بأن الضد الذي بسبب حدوثه يحصل الفناء هو خلق فناء واحد (لا في محل) فتفنى به الجواهر بأسرها كما ذهب إليه أبو هاشم وأتباعه من المعتزلة ، وفي تعبير المصنف ب «خلق الإفناء تسامح (٢).
(ونحوه) أي : ولا نقول بنحو هذا القول من الأقوال الظاهر بطلانها كقول أبي علي الجبّائي وأتباعه بأنه تعالى يخلق بعدد كل جوهر فناء لا في محل فيفنى الجوهر ، وقول النّظام أن الجسم ليس بباق ، بل يخلق حالا فحالا فمتى لم يخلق فني.
(وكذا يجوز ((٣) كونه) أي : الحشر (٣)) (جسمانيا فقط بناء على القول بأن الروح جسم لطيف سار في البدن كماء الورد) أي : كسريان ماء الورد (في الورد ، والنار في الفحم ،) فالمعاد ، وهو كل من الروح والبدن جسم ، فلا معاد إلا لجسم ، و «أو» في قوله : (أو روحانيا) بمعنى «الواو» أي : ويجوز كون الحشر روحانيا (جسمانيا ، بناء على القول بأنها) أي : الروح (جوهر مجرد) ليس بجسم ولا قوة حالة في الجسم ، بل تتعلق به تعلق التدبير والتصرف ، (لا تفنى بفناء البدن ، ترجع إلى البدن أي إلى تعلقها به) أي : بما كانت متعلقة به من الأبدان ، فالمعاد شيئان جسم وروح تعاد إليه ، وهي ليست بجسم ، وهذا رأي كثير من
__________________
(١) ابن شبيب : المعتزلي ، وكنيته أبو بكر ، وافق المعتزلة في بعض أصولهم ، وقال بالإرجاء ، من طبقة الجاحظ عمرو بن بحر. (طبقات المعتزلة ، للمرتضى ، ص ٧١)
(٢) ووجه تسامحه أن مدلول الإفناء كاف في الدلالة ، وكذا كاف في تحقيق التعلق ، أي الفناء ، ولكنه ساير القائلين بالمصطلح لنقض ادّعائهم.
(٣) في (م) : كون الحشر.