وكعب (١) وهذيل (٢) تابعيان ، فلقولهما هذا حكم المرسل ، لأن مثله لا يقال من جهة الرأي ، ((٣) ويقوم مقام هذه الأحاديث في مقصود هذا الاستدلال وصف الروح في الأحاديث الصحيحة ب «أن الملك يعرج بها عند قبضها» (٤) ، وما في مسند أحمد بإسناد رجاله رجال الصحيح عن البراء يرفعه من «أن روح الكافر ينتهي بها إلى السماء فلا يفتح لها وأن روحه تطرح طرحا» (٥) (٣)).
(ومن أهل السنة جماعة على) المذهب (الثاني) وهو أن الحشر روحاني جسماني (كالغزالي) حجة الإسلام (و) الإمام أبي منصور (الماتريدي وغيرهما ،) كالراغب (٦) والحليمي (٧) (ولهم أيضا ظواهر) تمسكوا بها ، (والمسألة ظنية) لا قاطع فيها.
واعلم أن صاحب «شرح المقاصد» قال : قد بالغ الإمام الغزالي في تحقيق المعاد الروحاني وبيان أنواع الثواب والعقاب بالنسبة إلى الأرواح ، حتى سبق إلى كثير من الأوهام ، ووقع في ألسنة بعض العوام أنه ينكر حشر الأجساد افتراء عليه ، كيف ، وقد صرح به في مواضع من كتاب «الإحياء» وغيره (٨). وذهب إلى أن إنكاره كفر (٩).
__________________
(١) كعب : هو كعب بن ماتع الحميري ، المعروف بكعب الأحبار ، من أوعية العلم ، ومن كبار علماء أهل الكتاب. أسلم زمن أبي بكر ، وقدم من اليمن في خلافة عمر ، فأخذ عن الصحابة وأخذوا عنه. توفي في خلافة عثمان. روى عنه جماعة من التابعين مرسلا ، وله شيء في البخاري وغيره. (تذكرة الحفاظ ، ١ / ٥٢).
(٢) هذيل بن شرحبيل : في النسخة المحققة لكتاب الزهد : «هزيل» وكذا هو في التمهيد ١١ / ٣٠ ، وهو هزيل بن شرحبيل الأودي الكوفي الأعمى ، أخو الأرقم بن شرحبيل ، روى عن أخيه وعثمان وعلي وطلحة وسعد وابن مسعود وغيرهم من الصحابة ، ذكره ابن حبان في الثقات ، مات بعد الجماجم. (تهذيب التهذيب ، لابن حجر ١١ / ٣٠).
(٣) سقط من (م).
(٤) الحديث في مسند أحمد ، ٤ / ٢٩٦ ، عن البراء بن عازب.
(٥) مسند أحمد ، ٢ / ٢٩٦.
(٦) الراغب : الحسين بن محمد بن المفضل ، أبو القاسم الأصفهاني ، المشهور بالراغب ، عن أصبهان ، وسكين بغداد. عالم وأديب وحكيم. توفي سنة ٥٠٢ ه. من مؤلفاته : الذريعة إلى مكارم الشريعة وجامع التفاسير. (بغية الوعاة ، ص / ٣٩٦).
(٧) الحليمي : الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم ، قال فيه الحاكم : كان شيخ الشافعيين بما وراء النهر ، ولد ببخارى ، ومات سنة ٤٠٣ ه. من مؤلفاته : «شعب الإيمان» ، (طبقات الشافعية ، ١ / ١٩٤).
(٨) ليست في (م).
(٩) انظر : إحياء علوم الدين ١ / ١٦٨ ، وصرح بذلك أيضا في التهافت ، انظر : ص ٢٩٤.