وفي الصحيحين وغيرهما أيضا أن قوله تعالى : (يُثَبِّتُ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ) (سورة إبراهيم : ٢٧) نزلت في عذاب القبر ، يقال له : من ربك؟ فيقول : ربي الله ونبيّي محمد صلىاللهعليهوسلم (١).
وفي الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه ، حتى إنه ليسمع قرع نعالهم ، إذا انصرفوا أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان له : ما كنت تقول في هذا الرجل محمد؟ ، فأما المؤمن فيقول : أشهد أنه عبد الله ورسوله ، فيقال له انظر إلى مقعدك من النار ، قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة» ، قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «فيراهما جميعا ، وأما الكافر أو المنافق فيقول : لا أدري ، كنت أقول ما يقول الناس فيه ، فيقال له : لا دريت ولا تليت ، ثم يضرب بمطرقة من حديد ضربة بين أذنيه ، فيصيح صيحة يسمعها من يليه إلا الثقلين» (٢) ، وقوله : «ولا تليت» أصله : تلوت ، حولت الواو ياء لمزاوجة «دريت» أي : لا قرأت ، وهو دعاء عليه ، وقيل : معناه : لا تبعت الناس ، من «تلا فلان فلانا» : إذا تبعه ، وقيل في معناه غير ذلك (٣).
وفي رواية للترمذي : «يقال لأحدهما المنكر وللآخر النكير» (٤) ، وفي رواية للبيهقي وغيره «أتاه منكر ونكير».
وأحاديث السؤال في الصحيحين والسنن والمسانيد وغيرها ، قد وردت مطولة ومختصرة من رواية غير واحد من الصحابة.
(وقال) تعالى (حكاية) عن الكفار (قالُوا رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ) (سورة غافر : ١١) (الثانية) أي : أنّ الموتة الثانية منهما (هي) الموتة (التي بعد السؤال) على أحد القولين في تفسير الآية (٥).
__________________
(١) أخرجه البخاري في الجنائز ، باب ما جاء في عذاب القبر ، برقم ١٣٠٣ ، وأخرجه مسلم في الجنة وصفة نعيمها وأهلها ، برقم ٢٨٧١.
(٢) الحديث رواه أنس بن مالك ، وأخرجه البخاري بلفظ قريب في الجنائز ، باب ما جاء في عذاب القبر ، رقم ١٣٧٤ ، ومسلم في كتاب ذكر الموت ، باب سؤال الملكين ، رقم ٢٨٧٠.
(٣) انظر : فتح الباري ، لابن حجر ٣ / ٦٠٨ ، وفيه تفصيل هذه الأقوال.
(٤) رواه الترمذي في الجنائز ، باب ما جاء في عذاب القبر ، رقم ١٠٧٢ ، عن أبي هريرة. وعزاه في تخريج أحاديث الإحياء لابن حبان وصححه.
(٥) انظر : تفسير الطبري : جامع البيان ، ١٢ / ٤٨ ، أما القول الثاني فهو الخلق من العدم ثم الإماتة ثم الإحياء ، أي : كانوا أمواتا فأحياهم الله ثم أماتهم ، ثم أحياهم.