(ومن السمعيات : الكوثر ؛ وهو حوض لرسول الله صلىاللهعليهوسلم يكون له في يوم (١) القيامة ، يرده الأخيار ويذاد عنه) أي : يرد عنه (الأشرار ، وردت به الأخبار الصحاح) التي يبلغ مجموعها التواتر المعنوي ، (فوجب قبوله) أي : قبول الوارد فيه (والإيمان به).
فمن الأخبار الصحاح حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «حوضي مسيرة شهر ، ماؤه أبيض من اللبن ، وريحه أطيب من المسك ، وكيزانه كنجوم السماء ، من شرب منه لا يظمأ أبدا» رواه البخاري ومسلم (٢). وفي رواية لهما : «حوضي مسيرة شهر ، وزواياه سواء ، وماؤه أبيض من الورق» (٣) أي : الفضة.
وحديث أنس عندهما أيضا : «ما بين ناحيتي حوضي كما بين صنعاء والمدينة» (٤) وفي رواية لهما : «مثل ما بين المدينة وعمان» ، وفي رواية لمسلم من حديث أبي ذر : «عرضه مثل طوله ما بين عمان إلى أيلة» ، وفي رواية لهما من حديث ابن عمر : «ما بين جنبيه كما بين جرباء وأذرح» ، قال بعض الرواة : هما قريتان بالشام ، بينهما مسيرة ثلاث ليال. و «عمّان» بفتح العين المهملة وتشديد الميم بلدة بالأردن ، و «جرباء» بجيم مفتوحة فراء مهملة فموحدة بعدها مدة ، و «أذرح» بهمزة مفتوحة فذال معجمة ساكنة فراء مهملة مضمومة فحاء مهملة ، والأحاديث فيه في الصحيحين وغيرهما كثيرة جدا ، من رواية جماعة من الصحابة.
وهاهنا تنبيهان :
أحدهما : أن الأحاديث قد اختلفت في تقدير الحوض كما مر ، ويجمع بينها بأنه ليس القصد تقدير تحديد ، إنما القصد الإعلام بسعة الحوض جدا ، وأنه ليس كحياض الدنيا ، وقد تكرر منه صلىاللهعليهوسلم وصفه بذلك ، فخاطب في وصفه لكل فريق بما يعرفه من مسافة بعيدة ، ومنهم من قدّر له المسافة بالزمان لا بالمكان فقال : مسيرة
__________________
(١) ليست في (م).
(٢) أخرجه البخاري في الرقاق ، باب في الحوض ، رقم ٦٢٠٨ ، وأخرجه مسلم في الفضائل ، برقم ٢٢٩٢.
(٣) أخرجه البخاري في كتاب الرقاق ، باب في الحوض ، رقم ٦٥٧٩ ، وأخرجه مسلم في الفضائل ، رقم ٢٢٩٢.
(٤) أخرجه البخاري في الرقاق ، باب في الحوض ، برقم ٢٢١٩ ، ومسلم في الفضائل برقم ٢٢٩٨ ، وأخرج البخاري برقم ٢٢٠٦ ، ومسلم برقم ٢٢٩٩ الحديث بلفظ «... كما بين جرباء وأذرح».