بالبيعة بعد اتفاق أصحاب الشورى ، (ثم علي رضي الله عنهم) أجمعين ، وانعقدت إمامته بمبايعة أهل الحل والعقد ، (ثم قيل) أي : قد اختلف هل نص رسول الله صلىاللهعليهوسلم على أحد فقيل : (نص على) إمامة (١) (أبي بكر) رضي الله عنه نصا خفيا ، وهو تقديمه إياه في إمامة الصلاة (٢) ، وعزي هذا إلى الحسن البصري ، وزعم بعض أصحاب الحديث أنه نص على إمامة أبي بكر نصا جليا (٣).
(وقال الشيعة : نص) صلىاللهعليهوسلم (على) إمامة (علي) رضي الله عنه.
(والأكثر) وهم جمهور أصحابنا والمعتزلة والخوارج (على أنه لم يكن صلىاللهعليهوسلم نص على إمامة أحد) بعده ، (يعني :) لم يكن (أمر بها ، ولكن كان يعلمها) أي : يعلم لمن هي بعده ، (بإعلام الله تعالى إياه) دون أن يؤمر بتبليغ الأمة النص على الإمام بعينه ، إنما وردت (٤) عنه صلىاللهعليهوسلم ظواهر تدل على أنه علم بإعلام الله تعالى أنها لأبي بكر رضي الله عنه ، (فقد قال) صلىاللهعليهوسلم (للمرأة السائلة : «إن لم تجديني فأتي أبا بكر» في جواب قولها حين أمرها أن ترجع (٥) إليه : أرأيت إن جئت فلم أجدك؟ ، تريد الموت) وهو (مخرج في صحيح البخاري) عن جبير بن مطعم ، قال : أتت امرأة النبي صلىاللهعليهوسلم فأمرها أن ترجع إليه ، قالت : أرأيت إن جئت فلم أجدك؟ كأنها تقول الموت ، قال : «إن لم تجديني فأتي أبا بكر» (٦).
(وفيه) أي : في صحيح البخاري (أيضا) بل وصحيح مسلم (حديث
__________________
(١) ليست في (م).
(٢) في حديث عائشة في مرضه صلىاللهعليهوسلم وفيه قالت : «فأرسل رسول الله صلّى الله وسلّم إلى أبي بكر أن يصلي بالناس ...» البخاري في الجماعة برقم (٦٥٥) ، ومسلم برقم : (٤١٨) ، وفي حديث أبي موسى الأشعري : «مروا أبا بكر فليصل بالناس» ، وابن عمر وعائشة وأنس ... وغيرهما.
(٣) في مثل حديث حذيفة عند الترمذي برقم : (٣٨٠٤) ، وأحمد ٥ / ٣٨٥ ، ٣٩٩ ، والحاكم ٣ / ٧٥ ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن ، قال صلىاللهعليهوسلم : «إني لا أدري ما قدر بقائي فيكم ، فاقتدوا باللذين من بعدي وأشار إلى أبي بكر وعمر». وحديث جابر عند أبي داود سند فيه انقطاع رقم : (٤٦٣) عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أري الليلة رجل صالح ، كأن أبا بكر نيط برسول الله ونيط عمر بأبي بكر ، ونيط عثمان بعمر» قال جابر : «... أما الرجل الصالح فرسول الله صلىاللهعليهوسلم وأما نوط بعضهم ببعض ، فهم ولاة الأمر الذي بعث الله به نبيه صلىاللهعليهوسلم».
(٤) في (م) : روي.
(٥) في (م) : ترجع.
(٦) البخاري في الأحكام ، برقم : (٣٤٥٩) ، ومسلم رقم : (٢٣٨٦) ، والترمذي رقم : (٣٦٧٧).