رؤياه) صلىاللهعليهوسلم (البئر والنزع منها) أي : الاستقاء بالدلو ، وهو حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أريت كأني أنزع بدلو بكرة على قليب فجاء أبو بكر فنزع ذنوبا أو ذنوبين نزعا ضعيفا ، والله يغفر له ، ثم جاء عمر فاستقى فاستحالت غربا فلم أر عبقريا من الناس يفري فريه حتى روي الناس وضربوا بعطن» (١) ، و «البكرة» بسكون الكاف ، و «القليب» البئر قبل أن تطوي ، أي : يبنى عليها ، و «الذنوب» بفتح الذال المعجمة الدلو إذا كانت مملوءة ، و «الغرب» بفتح الغين المعجمة وسكون الراء المهملة آخره موحدة : الدلو العظيم ، و «العبقري» الرجل القوي الشديد ، و «يفري فريه» معناه : يعمل عمله ، والفري بوزن فعيل ، تقول العرب : فلان يفري الفري ، إذا كان يعمل العمل ويجيده ، تعظيما لإجادته ، و «العطن» الموضع الذي تناخ فيه الإبل إذا رويت (٢).
ومن الظواهر المذكورة استخلافه في إمامة الصلاة كما سيأتي ، وقد استدل المصنف على عدم النص بقوله : (وإذا علمها) أي : وإذا علم النبي صلىاللهعليهوسلم الإمامة بعده ، فإما أن يعلمها أمرا (واقعا موافقا للحق) في نفس الأمر ، (أو) أمرا واقعا (مخالفا له) أي : للحق (وكيف كان) أي : على أي حالة كانت من الحالتين ، (لو كان المفترض) على الأمة (مبايعة غيره) أي : غير أبي بكر الصديق (لبالغ) صلىاللهعليهوسلم (في تبليغه) أي : في تبليغ ذلك المفترض إلى الأمة ، بأن ينص عليه نصا ينقل مثله على سبيل الإعلان والتشهير ، كما سيأتي ، لتوقف تعلق الافتراض على الأمة على بلوغه إليهم ، ولما لم ينقل كذلك مع توفر الدواعي على نقله دل ذلك على أنه لا نص كما سيأتي.
ولما كان قد يقال هنا تعنّتا : إنما لم يبلغه لأنه علم أنهم لا يأتمرون بأمره فيه ، فلم تكن في تبليغهم إياه فائدة ، أشار إلى دفعه بأن ذلك غير مسقط لوجوب التبليغ عليه صلىاللهعليهوسلم فقال : (كما بلّغ سائر التكاليف للآحاد الذين علم منهم أنهم لا يأتمرون ، ولم يكن علمه بعدم ايتمارهم مسقطا عنه التبليغ).
فإن قيل : قد بلغه سرا لواحد واثنين ، ونقل سرا كذلك.
قلنا : جوابه ما نبه عليه المصنف بقوله : (وتبليغ مثله سبيله الإعلان
__________________
(١) البخاري في التعبير ، باب نزع الذنوب / برقم : (٦٦١٧) ، ومسلم رقم : (٢٣٩٢)
(٢) انظر : القاموس المحيط ، ص ٨٥ ، ١١٨ ، ١٢٧ ، ٣٥٤ ، ٤٣٥ ، ١٢١٦ ، ١٣٢٠.