البزار عن أنس مرفوعا : «علي يقضي ديني» (١) ، والطبراني من حديث سلمان بلفظ : «يقضي ديني» (٢) كذلك ، وأنه قال فيه : «إنه إمام المتقين وقائد الغر المحجلين» (٣) ، فكله مخالف لدليل العقل الذي قدمه (حيث لم يبلغ) شيء مما نقوله (هذا المبلغ) من الشهرة.
(ثم يقول : بل لم يبلغ مبلغ الآحاد المطعون فيها ، إذ لم يتصل علمه لأئمة الحديث المثابرين) أي : المواظبين (على التنقيب عنه ، كما اتصل بهم كثير مما ضعفوه ، وكيف يجوز في العادة أن يصح) ما نقلوه (آحادا) موصوفا بأنه (يعلمه من لم يتصف قط برواية حديث ولا صحبه (٤) محدث ، و) الحال أنه (يخفى) ما هو بهذه الصفة (على علماء الحديث المهرة) جمع ماهر ، أي : تام الحذق (الذين أفنوا أعمارهم في الرحلات) جمع رحلة ـ بكسر الراء ـ أي : الأسفار البعيدة (مشمرين) أي : باذلين جهدهم (في طلبه و) في (السعي إلى كل من حسبوا عنده صبابة) أي : قليلا (منه) وأصل «الصبابة» وهي بضم الصاد المهملة : البقية اليسيرة مما في الإناء (٥). وقوله : (في كل صوب وأوب) متعلق ب «طلبه» أو ب «الرحلات» أي : الرحلات الكائنة في كل صوب وأوب ، و «الصوب» الناحية ، و «الأوب» هنا المرجع ، وأصله : الرجوع ، فهو من إطلاق المصدر وإرادة اسم المكان.
(هذا) الذي زعموه من نص صح آحادا عند من لم يتصف برواية حديث ولا صحبة محدث وقد خفي عن علماء الحديث (مما تقضي العادة بأنه افتراء) أي : كذب مختلق (وهراء) بضم الهاء وراء مهملة فألف ممدودة فهمزة ، أي : كلام فاسد ، قال الأزهري في «التهذيب» (٦) قال أبو عبيد : الهراء ممدود مهموز : المنطق الفاسد ، وفي «الصحاح» عن ابن السكيت أنه الكلام الكثير في خطأ (٧).
__________________
(١) الحديث أخرجه ابن حجر في المجمع ، ٩ / ١١٣ ، وقال : رواه البزار وفيه ضرار بن صرد وهو ضعيف.
(٢) أخرجه الطبراني في الكبير ، برقم ٦٠٦٣.
(٣) الحديث أخرجه الطبراني في المعجم الصغير ، برقم ١٠١٢.
(٤) ليست في (ط).
(٥) انظر : القاموس المحيط ، ص ١٠٤.
(٦) تهذيب اللغة ، ٦ / ٤٠٢.
(٧) انظر : الصحاح ، ١ / ٨٣.