(أما أولا : فمجرد ذكره) أي : ذكر النص عليه (ومنازعته) في الإمامة (به ليس ظاهرا في قتلهم إياه ، وقد نازع غيره فلم يقتل ، فقال بعض الأنصار : منا أمير ومنكم أمير) والقائل هو الحباب ـ بضم الحاء المهملة وتخفيف الموحدة ـ ابن المنذر ، ولم يرجع عن ذلك (إلى أن روى أبو بكر رضي الله عنه قوله عليه) الصلاة و (السلام : «الأئمة من قريش» فرجعوا عن محاجتهم ، بل غاية ما كان يتوهم) لو رواه (عدم الرجوع إليه) ومعاذ الله أن يكون ذلك.
(وبهذا القدر) وهو توهم عدم الرجوع إليه (لم يثبت ضرر يسقط به الفرض) أي : فرض تبليغه ما يعلمه من النص.
والذي في البخاري في قصة سقيفة بني ساعدة حين قال من قال من الأنصار : «منا أمير ومنكم أمير» قول أبي بكر رضي الله عنه : «نحن الأمراء وأنتم الوزراء وإن تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش ، هم أوسط العرب نسبا ودارا» (١).
ومتن حديث : «الأئمة من قريش» (٢) رواه النسائي من حديث أنس ، ورواه بمعناه الطبراني في الدعاء ، والبزار والبيهقي ، وأفرده شيخنا الإمام الحافظ أبو الفضل بن حجر بجزء جمع فيه طرقه عن نحو من أربعين صحابيا.
(وأما ثانيا (٣) : مفكونه (٤) بحيث لو ذكره لم يرجع إليه مع علم أحد) من الصحابة (به ممنوع) بل ممتنع عادة من مثلهم (لأنهم كانوا أطوع لله) من غيرهم من الأمة.
واعلم أن قوله : «فكونه ... الخ» ليس وجها ثانيا لبطلان كونه تقية ، كما لا يخفى ، إنما الوجه الثاني ما بعده ، ففي العبارة هنا خلل بتقديم وتأخير ، وحقها أن يقال تلو قوله الفرض : «وكونه بحيث لو ذكره لم يرجع إليه مع علم أحد به ممنوع ، وبتقدير وقوع ذلك فلا يحصل به ضرر يسقط به الفرض ، وأما ثانيا فلأنهم كانوا
__________________
(١) الحديث أخرجه البخاري في فضائل الصحابة ، باب قول النبي صلىاللهعليهوسلم : لو كنت متخذا خليلا ، رقم ٣٤٦٧.
(٢) الحديث رواه الطبراني ، برقم ٧٢٥ ، والطيالسي ، برقم ٢٥٩٦ ، وأحمد ، ٣ / ١٢٩ و ١٨٣ ، والبيهقي في السنن الكبرى ، ٨ / ١٤٤ ، والبزار برقم ٧٥٩.
(٣) ليست في (ط).
(٤) في (م) : لكونه.