بحيث تعلمه العامة من غير افتقار إلى نظر و ((١) لا استدلال (١)) ، كالوحدانية والنبوة والبعث والجزاء ووجوب الصلاة والزكاة وحرمة الخمر ونحوها.
ويكفي الإجمال فيما يلاحظ إجمالا ، كالإيمان بالملائكة والكتب والرسل ، ويشترط التفصيل فيما يلاحظ تفصيلا ، كجبريل وميكائيل وموسى وعيسى والتوراة والإنجيل ، حتى إن من لم يصدّق بواحد معين منها كافر.
(و) القول بأن مسمى الإيمان هذا التصديق فقط (هو المختار عند جمهور الأشاعرة) وبه قال الماتريدي.
وقوله : (أو مع الطاعة) هو حكاية للقول الثاني وهو أن مسمى الإيمان تصديق القلب والإقرار باللسان وعمل سائر الجوارح ، فماهيته على هذا مركبة من أمور ثلاثة ؛ إقرار باللسان وتصديق بالجنان وعمل بالأركان ، فمن أخلّ بشيء منها فهو كافر.
(و) هذا (هو قول الخوارج ، ولذا كفّروا بالذنب) فقالوا : إن مرتكبه مطلقا كافر (لانتفاء جزء الماهية) والذنوب عندهم كبائر كلها ، وتعليلهم بانتفاء جزء الماهية مبني على أنه لا واسطة بين الإيمان والكفر (٢).
أما على ما ذهب إليه المعتزلة من إثبات الواسطة (٣) ، فلا يلزم عندهم من انتفاء الإسلام ثبوت الكفر ، وإن وافقوا الخوارج في اعتبار الأعمال فإنهم يخالفونهم من وجهين :
أحدهما : أن المعتزلة يقسمون الذنوب إلى كبائر وصغائر ، وارتكاب الكبيرة عندهم فسق ، والفاسق عندهم ليس بمؤمن ولا كافر ، بل منزلة بين منزلتين.
والثاني : أن الطاعات عند الخوارج جزء ؛ فرضا كانت أو نفلا ، وعند المعتزلة الطاعات شرط لصحة الإيمان كما سيأتي بعد.
__________________
(١) في (م) : لا.
(٢) على عكس ما ادعاه المعتزلة من إثبات الواسطة ، وموافقة لأهل السنة على مستوى التقسيم النظري ، لكنهم يختلفون عن أهل السنة في تقسيم الذنوب إلى صغائر وكبائر ، والكبيرة عندهم تنفي الماهية وهو ما أشار إليه الشارح.
(٣) وقولهم مبني على وجود الحال وهو الواسطة بين الموجود والمعدوم ، فالأصل أن الإسلام والكفر ضدان لا يجتمعان ، فإذا انتفى الإسلام ثبت الكفر والعكس صحيح ، هذا عند أهل السنة الذين ينفون الحال أو الواسطة ؛ بيد أن المعتزلة يرون أنه لا لزوم من انتفاء الإسلام ثبوت الكفر ، وإنما توجد منزلة بين المنزلتين.