للمفعول (الغائب به) أي : بإنكاره كلا منهما ، (ويضلّل) بالبناء للمفعول ، أي : يحكم بأنه ضال عن طريق السنة.
(وقيل بالتكفير) أي : تكفير الغائب عن حضرة النبوة (في) إنكاره (السؤال أيضا لتواتره) معنى كما قدمنا أول هذا التوضيح ، والمتجه : تكفير من أنكره بعد تواتره عنده ، لا الحكم بتكفير منكره مطلقا.
وقوله : (لأنه) تعليل لعدم تكفير الغائب بجحد السؤال وإيجاب صدقه الفطر ، وهو أن الغائب (لمّا لم يسمعه من فيه) أي : من فم النبي صلىاللهعليهوسلم (لم يكن ثبوته من النبي قطعا) أي : على وجه القطع ، (فلم يكن إنكاره تكذيبا له ، بل) كان تكذيبا (للرواة ، أو تغليطا لهم) من غير موجب ، (وهو) أي : ما ذكر من تكذيب رواة الأحاديث الصحيحة الموثوق بعدالتهم وضبطهم لما يروونه وتغليطهم من غير موجب (فسق وضلالة) لا كفر ، (اللهم إلا إن رده استخفافا ، إذ كان) أي : لكونه (إنما قاله النبي) صلىاللهعليهوسلم ولم ينزل في القرآن صريحا (فيكفر) لاستخفافه بجناب النبي صلىاللهعليهوسلم.
(وأما ما ثبت قطعا ولم يبلغ حد الضرورة) أي : لم يصل إلى أن يعلم من الدين ضرورة (كاستحقاق بنت الابن السدس مع البنت) الصلبية (بإجماع المسلمين ، فظاهر كلام الحنفية الإكفار بجحده ؛ لأنهم لم يشترطوا) في الإكفار (سوى القطع في الثبوت) أي : ثبوت ذلك الأمر الذي تعلق به الإنكار ، لا بلوغ العلم به حد الضرورة ، (ويجب حمله) أي : حمل الإكفار الذي هو ظاهر كلامهم (على ما إذا علم المنكر ثبوته قطعا) لا على ما يعم علم المنكر ثبوته قطعا وجهله بذلك ؛ (لأن مناط التكفير وهو التكذيب أو الاستخفاف بالدين عند ذلك يكون) أي : إنما يكون عند العلم بثبوت ذلك الأمر قطعا ، (أما إذا لم يعلم) بثبوت ذلك الأمر الذي أنكره قطعا (فلا) يكفر ، إذا لم يتحقق منه تكذيب ولا إنكار ، اللهم (إلا أن يذكر له أهل العلم ذلك) أي : أن ذلك الأمر من الدين قطعا (فيلج) بفتح اللام والجيم ، أي : يتمادى فيما هو فيه عنادا ، فيحكم في هذه الحالة بكفره لظهور التكذيب.
وهذا الحمل وقع لإمام الحرمين فإنه قال : كيف يكفر من خالف الإجماع ونحن لا نكفر من رد أصل الإجماع وإنما نبدعه ونضلّله؟ وأول إطلاق من أطلق من أئمة الشافعية القول بتكفير جاحد المجمع عليه على ما إذا صدق المجمعين